الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي دل عليه السؤال هو أنك قد اشتريت مثل ما أهدته لك قريبتك ولما أعطيتها إياه رفضت قبوله وكنت قد حلفت عليها أن تقبل منك مثل هديتها وهي لم تقبل وبذلك تحنثين في يمينك وتلزمك كفارة يمين ولا يقوم الثمن الذي دفعت إليها مقامه سواء كان يساوي مثل قيمته أوأقل أوأكثر ولا تبرين في يمينك بأخذها القيمة ما لم يكن قصدك من اليمين مكافأة هديتها وعدم قبولك لها بلا عوض والذي يحدد ذلك هو قصدك أنت والسياق الذي أوردت فيه اليمين فالمقاصد والنيات والبواعث معتبرة في باب الأيمان، جاء في الشرح الكبير للشيخ أحمد الدردير عند قول: ثم بساط يمينه ... ثم إن عدمت النية أو لم تضبط، خصص اليمين وقيد بالبساط، وهو السبب الحامل على اليمين، إذ هو مظنة النية وليس هو انتقالا عنها، ومثلوا لذلك بمن أراد أن يشتري شيئا فوجد عليه الزحام، فحلف ألا يشتريه في ذلك اليوم، وبعد قليل خفت الزحمة أو وجده في مكان آخر لا زحام فيه فاشتراه، فإنه لا يحنث، لأن السبب الذي حمله على اليمين هو الزحام وقد زال.
وقال ابن عبد البر في الكافي: الأصل في هذا الباب مراعاة ما نوى الحالف، فإن لم تكن له نية نظر في بساط قصته وما أثاره على الحلف، ثم حكم عليه بالأغلب من ذلك في نفوس أهل وقته.
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين بعد أن ذكر أقوال العلماء ونقل نصوصهم الدالة على اعتبار البساط، قال رحمه الله تعالى: والمقصود أن النية تؤثر في اليمين تخصيصا وتعميما، والسبب يقوم مقامها عند عدمها، ويدل عليها فيؤثر ما تؤثره، وهذا هو الذي يتعين الإفتاء به.
ومهما يكن من أمر فالأولى إخراج كفارة اليمين من باب الاحتياط وإبراء الذمة، وانظري الفتوى رقم: 204.
والله أعلم.