الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالصداع الذي يشق معه القيام أو الركوع أو السجود مشقة غير محتملة يعتبر عذرا يبيح للمريض الصلاة قاعدا يومئ فيها للركوع, فإذا كان الصداع كما ذكرت مؤلما ويصيب صاحبه بالدوار إن هو صلى قائما فإنه عذر يجوز للمصاب به أن يصلي قاعدا لقول النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلِّ قَائِمًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ. رواه البخاري وأبو داوود.
قال ابن قدامة في المغني: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ مَنْ لَا يُطِيقُ الْقِيَامَ ، لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ جَالِسًا, وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ : صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ، وَزَادَ: فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَمُسْتَلْقِيًا. { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلَّا وُسْعَهَا } , وَرَوَى أَنَسٌ قَالَ: سَقَطَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ فَرَسٍ، فَخُدِشَ أَوْ جُحِشَ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ، فَدَخَلْنَا عَلَيْهِ نَعُودُهُ .فَحَضَرَتْ الصَّلَاةُ ، فَصَلَّى قَاعِدًا ، وَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ قُعُودًا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَإِنْ أَمْكَنَهُ الْقِيَامُ ، إلَّا أَنَّهُ يَخْشَى زِيَادَةَ مَرَضِهِ بِهِ، أَوْ تَبَاطُؤَ بُرْئِهِ، أَوْ يَشُقُّ عَلَيْهِ مَشَقَّةً شَدِيدَةً، فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا, وَنَحْوَ هَذَا قَالَ مَالِكٌ وَإِسْحَاقُ . اهــ.
والله أعلم.