الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأبشري أيتها الأخت الكريمة بتوبة الله وعفوه ومغفرته، وأحسني ظنك به سبحانه، واعلمي أنه جل وعلا أرحم بعبده من الأم بولدها، وأنه تعالى أفرح بتوبة عبده ممن أضل راحلته بأرض فلاة ثم وجدها وقد تيقن الموت ومهما كان ذنبك عظيما فإن عفو الله تعالى أعظم ورحمته أوسع وعافيته أتم، وأنت ـ إن شاء الله ـ وجميع المسلمين ممن يشملهم قوله جل اسمه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.
وإذا صدقت توبتك واستوفت شروطها تقبلها الله تعالى بمنه ومحى عنك أثر ذلك الذنب ولم يعد به سبحانه عليك غضب ولا سخط، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
وعليك أن تستمري في الإكثار من الاستغفار وفعل الحسنات الماحية، فإن الحسنات يذهبن السيئات، وإن أصابك ما تكرهين فاصبري لحكم الله تعالى وارضي بقضائه فقد يكون لك عنده سبحانه منزلة لا تبلغينها بصالح عمل واعلمي أن المؤمن لا يصيبه قضاء إلا كان خيرا له، إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، فنسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن إذا ابتلوا صبروا، وإذا أنعم عليهم شكروا، وإذا أساءوا استغفروا.
والله أعلم.