الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج من الخير فينبغي المسارعة إليه، فبه يتحقق كثير من مقاصد الشرع، ومن أهمها إعفاف كل من الزوجين للآخر وتكثير النسل، فلا ينبغي تأخيره لغير أمر معتبر شرعا لا من قبل الولي ولا من قبل غيره، ولكن في بعض الأحيان قد يكون هناك أسباب مقبولة لتأخير الزواج، وهذا لا بأس فيه بالتشاور بين الولي والفتاة، وأما إذا كان التأخير لأسباب واهية، فمثل هذا لا يلتفت إليه، وفي هذه الحالة ينبغي أن ينصح الولي بأن يتقي الله عز وجل في موليته وأن يحس بمشاعرها، وأن يرفق بها ولا يشق عليها إذا لم يكن في التأخير الذي يريده مصلحة معتبرة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به.
فلا بأس بأن تحاولي إقناع والدك، إما بالتحدث معه مباشرة وإخباره بحاجتك إلى الزواج، أو بتوسيط من يقنعه ممن له تأثير عليه، فإن اقتنع فالحمد لله وإلا كان لك الحق في رفع الأمر إلى القاضي الشرعي، فإن ثبت عنده العضل أجبر أباك على تزويجك أو أمر الولي الأبعد بذلك أو تولاه بنفسه، قال ابن قدامة: ومعنى العضل منع المرأة من التزويج بكفئها إذا طلبت ذلك، ورغب كل واحد منهما في صاحبه.
وقال أيضاً: إذا عضلها وليها الأقرب، انتقلت الولاية إلى الأبعد، نص عليه أحمد، وعنه رواية أخرى، تنتقل إلى السلطان. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: إذا منع الولي تزويج امرأة بخاطب كفء في دينه وخلقه، فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من الأقرباء العصبة، الأولى فالأولى، فإن أبوا أن يزوجوا -كما هو الغالب- فإن الولاية تنتقل إلى الحاكم الشرعي، ويزوج المرأة الحاكم الشرعي. اهـ.
والله أعلم.