الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز بيع العملة الورقية بأقل من قيمتها من العملة المعدنية، أو غيرها، لأنها جنس واحد، وما يسمى بالفكة والتصريف هو في حقيقته بيع، ويجب فيه عند المبادلة في حال كانت العملة من جنس واحد أمران:
الأول: التقابض في المجلس.
الثاني: التساوي (وهو عدم التفاضل).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلاً بمثل، سواء بسواء، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد. رواه مسلم. والنقود الورقية والمعدنية تقوم مقام الذهب والفضة في زماننا هذا، لأن الناس تعارفوا عليها، وأصبحت ثمناً للمبيعات.
وقد جاء في قرار هيئة كبار العلماء ما نصه: إن الورق النقدي يعتبر نقداً قائماً بذاته كقيام النقدية في الذهب والفضة وغيرهما من الأثمان، وأنه أجناس تتعدد بتعدد جهات الإصدار، بمعنى أن الورق النقدي السعودي جنس، وأن الورق النقدي الأمريكي جنس، وهكذا كل عملة ورقية جنس مستقل بذاته.
وعليه؛ فيجب عليكم الكف عن التعامل المحرم، ومن تاب تاب الله عليه، ولا تكون أمواله محرمة عليه قبل العلم بحكم الشرع، لأن الله يقول: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ {البقرة:275}.
وأما مسالة أخذ الباقي عند استخدام المواصلات، إن كنت تقصد بها أن تأخذ باقي حقك كما لو كانت الأجرة درهمين فدفعت لصاحب المواصلات خمسة ورد إليك ثلاثة، فلا حرج في ذلك، ولو لم يجد الصرف وأبقيت لديه الثلاثة حتى يجدها ويتمكن من أخذ حقه من الخمسة فلا حرج في ذلك أيضًا.
قال الحجاوي في الإقناع: (ولو اشترى فضة بدينار ونصف، ودفع إلى البائع دينارين ليأخذ قدر حقه منه، فأخذه ولو بعد التفرق صح، والزائد أمانة في يده، ولو صارفه خمسة دراهم بنصف دينار، فأعطاه ديناراً صح، ويكون نصفه له، والباقي أمانة في يده ويتفرقان أي: يجوز لهما أن يتفرقا قبل تمييز النصف. ثم إن صارفه بعد ذلك للباقي له منه، أو اشترى به منه شيئاً، أو جعله سلما في شيء، أو وهبه إياه جاز) انتهى.
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 93366.
والله أعلم.