الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن بينا ضابط الحائل اليسير المعفو عنه في الفتوى رقم: 137118, والذي يظهر من كلام شيخ الإسلام أن هذا اليسير معفو عنه ولو لم تشق إزالته, وضابطه إنما هو القلة فلا يشترط لكونه معفوا عنه أن يصعب أو تشق إزالته.
فقد سئل رحمه الله تعالى عَمَّنْ بِهِ قُرُوحٌ فِي بَعْضِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَيَخْرُجُ مِنْ تِلْكَ الْقُرُوحِ قَيْحٌ يَنْتَشِرُ عَلَى مَحَلِّ الْفَرْضِ وَلَا يُمْكِنُ إزَالَةُ ذَلِكَ إلَّا إذَا أَزَالَهُ عَنْ الْقُرُوحِ أَيْضًا وَهُوَ يَجِدُ الْمَشَقَّةَ فِي إزَالَتِهَا .... فَهَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ إزَالَةُ ذَلِكَ لِيَصِلَ الْمَاءُ إلَى مَا تَسَتَّرَ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ مَشَقَّةٌ ... فأجاب بقوله : إذَا كَانَتْ إزَالَتُهُ تُوجِبُ زِيَادَةَ الْمَرَضِ أَوْ تَأَخُّرَ الْبُرْءِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ إزَالَتُهُ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ هَذَا وَلَا هَذَا أَزَالَهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَيْئًا يَسِيرًا مِنْ جِنْسِ الْوَسَخِ الَّذِي عَلَى الْعَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ: فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُزِيلَ ذَلِكَ. اهــ .
وموطن الشاهد أنه إذا كان يسيرا من جنس الوسخ الذي على العين لا يلزمه إزالته ولو تيسرت إزالته ولم يترتب عليها زيادة المرض أو تأخر برئه, هذا ما ظهر لنا .
ولا شك أن الأحوط والأبرأ للذمة أن لا يتساهل الإنسان في إزالة ما لا تشق إزالته حتى يتطهر تطهرا تطمئن النفس إلى براءة الذمة به .
والله أعلم.