الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيظهر من سؤالك أنك مصاب بالوسوسة، والذي ينبغي لك أن تعرض عن الوساوس فلا تلتفت إليها، واعلم أن الذي يشفيك من هذه الوساوس مراجعة أهل العلم وسؤالهم عما أشكل كما قال تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}. ثم اعلم أن الواجب على من أشكل عليه أمر أن يسأل عن حكمه أهل العلم، ولا يجوز له الإقدام على فعل شيء دون معرفة حكم الشرع فيه، وانظر الفتوى رقم: 173397 ، ومن اجترأ على فعل ما يعتقد تحريمه أو يغلب على ظنه كونه محرما فهو آثم لجرأته وإن كان ما فعله مباحا في نفس الأمر.
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في من ارتكب صغيرة يظنها كبيرة: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَا يُعَذَّبُ تَعْذِيبَ مَنْ ارْتَكَبَ صَغِيرَةً لِأَجْلِ جُرْأَتِهِ وَانْتِهَاكِهِ الْحُرْمَةَ، بَلْ يُعَذَّبُ عَذَابًا مُتَوَسِّطًا بَيْنَ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ بِجُرْأَتِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ. انتهى.
فدل على أن للقصد تأثيرا في العقوبة. وأما إذا وصل الأمر إلى حد الوسوسة بحيث صار يشك في حرمة كل شيء فليطرح الوساوس وليعرض عنها، مع ضرورة مراجعة أهل العلم وسؤالهم عما يشكل والاجتهاد في معرفة أحكام الشرع، وتبين ما يحل وما يحرم ليكون المسلم على بصيرة من أمر دينه فإن العلم هو أعظم شفاء من هذه الوساوس بإذن الله.
والله أعلم.