الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي وفقك الله أن الواجب على كل مسلم أن يفعل ما أمر الله به وأن يترك ما نهى الله عنه طلبا لمرضاته وابتغاء لفضله ومثوبته، ثم إذا أذنب العبد فعليه أن يبادر بالتوبة والاستغفار والرجوع إلى ربه تعالى من قريب، واعلمي كذلك أن من تاب توبة صادقة نصوحا غفر الله له ومحى عنه أثر ذلك الذنب وصار كمن لم يفعله كما قال صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له. بل ربما يكون حال العبد بعد التوبة من ذنبه خيرا من حاله قبل الذنب كما بسطنا القول في هذا في الفتوى رقم: 176207 ، فلو فرضنا أن فتاة ارتكبت ما يسخط الله تعالى ثم تابت فالعبرة بحالها بعد التوبة والاستقامة، وكذا لو تاب شاب مما ألم به مما يسخط الله تعالى وعلم صدق توبته فالعبرة بحاله بعد التوبة فلا يؤاخذ بما كان منه قبلها، فلو أنك مثلا امتنعت عن العلاقات المحرمة طاعة لله تعالى فقد ترزقين الزواج بشاب لم يقارف شيئا من هذه العلاقات، وقد يوفق لك شاب تائب إلى ربه قد ندم على ما فرط منه فصار خيرا من كثير ممن لم يقارف هذه المنكرات، وليس في شيء من هذا ظلم من الله للعبد حاشا وكلا، فالله تعالى منزه عن أن يظلم سبحانه وبحمده، بل مهما أعطى العبد من عطاء فهو فضله ومنته، ومهما منعه فهو عدله وحكمته وهو المحمود على هذا وهذا سبحانه تعالى وتقدس. فإذا علمت ما أسلفناه فعليك أن تستقيمي على شرع الله سبحانه طالبة مرضاته راجية فضله ورحمته، ثم اعلمي أنه لا يقضي لعبده المؤمن قضاء إلا كان خيرا له، فوطني نفسك على الرضا بجميع ما يقدره ويقضيه سبحانه عالمة أن فيه الخير لك والمصلحة، واجتهدي في دعائه سبحانه أن يوفقك لما فيه رضاه وأن يرزقك من فضله الواسع.
والله أعلم.