الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه؛ كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه. رواه أحمد وأصحاب السنن، وصححه الألباني. وقال صلى الله عليه وسلم: يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين. رواه مسلم.
قال المباركفوري في شرح سنن الترمذي: قوله نفس المؤمن معلقة قال السيوطي: أي محبوسة عن مقامها الكريم. وقال العراقي: أي أمرها موقوف لا حكم لها بنجاة ولا هلاك حتى ينظر هل يقضى ما عليها من الدين أم لا. انتهى.
وقد ذكرت أن أباك ترك أراضي.. وعليه؛ فإنه يجب سداد دينه من تلك الأراضي، ولو كان العم يمانع في بيعها فينبغي رفع المسألة للقضاء حتى يلزمه بما يجب في تلك الأراضي ، وحتى لو قضى هو دين الميت تبرعا منه فليس له الاستحواذ على الأراضي بل يلزم قسمتها على الورثة حسب القسمة الشرعية .
وقد أحسنت في سعيك لتخليص ابيك من دينه وهذا من البر به بعد موته ولك فيه الأجر والثواب .
وأما حال الأب في قبره فالله أعلم به واختلف العلماء هل يخلص الميت من تبعة الدين بالقضاء عنه أو بمحرد الضمان . لكن قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله. رواه البخاري
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وظاهره يحيل المسألة المشهورة فيمن مات قبل الوفاء بغير تقصير منه كأن يعسر مثلا أو يفجأه الموت وله مال مخبوء وكانت نيته وفاء دينه ولم يوف منه في الدنيا ....الظاهر أنه لا تبعة عليه والحالة هذه في الآخرة، بحيث يؤخذ من حسناته لصاحب الدين؛ بل يتكفل الله عنه لصاحب الدين. اهـ.
وإذا كان كذلك فلعل نية أبيك الحسنة تنفعه؛ لكن ذلك لا يسقط عن ورثته حق قضاء دين أصحاب الدين من التركة والمبادرة الى ذلك قبل القسمة .
وما ننصحك به هو مواصلة السعي حتى تخلصي أباك من ذلك الدين إما أن يقضى من ثمن الأراضي وما تركه الميت، أو يقضيها عمك عنه مما تبرأ به ذمة المتوفى من الدين وحقوق الناس .
والله أعلم.