الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن أول ما ننصحك به هو إبعاد الوسوسة بقتل هذه البنت؛ فإن ما يلحقك من الإثم بقتلها أعظم من جميع ما تفكر فيه.
ثم إن قضيتك هذه خير شاهد على ما حذر منه العلماء والدعاة المصلحون من خطورة الإقامة في بلاد الكفر من جهة، والزواج من الكتابيات من جهة أخرى، والغالب أن يكون الأولاد ضحايا تصرفات الآباء في هذا الجانب، وراجع في الإقامة في بلاد الكفر الفتوى رقم: 2007، وفي الزواج من الكتابيات الفتوى رقم: 5315.
ويجب على المرأة أن تقيم حيث يقيم زوجها كما نص على ذلك الفقهاء، وسبق لنا بيان ذلك بالفتوى رقم: 79665. وليس من حقها أن ترفض الانتقال للإقامة معه حيث يقيم، وليس لها أيضا الحق في منعه من اصطحاب أبنائه عند زيارة والديه. فإذا استقام أمر هذه الزوجة لك بناء على هذه الأسس فبها ونعمت وإلا فانظر في أمر طلاقها، ولكن قبل ذلك ينبغي أن تستدرجها إلى بلد مسلم بحيث تتمكن من الحصول على حضانة البنت، فالكفر مسقط لحق الأم في الحضانة على الراجح من أقوال الفقهاء، وانظر الفتوى رقم: 156705 ، فإن لم يتيسر لك ذلك فاجتهد وابذل الحيلة في سبيل أخذها من أمها ولو عن طريق قوانينهم الوضعية، فالتحاكم إليها جائز في قول بعض أهل العلم بقيود بيناها بالفتوى رقم: 38757. وإن تعذر ذلك كله فاحرص على التواصل مع ابنتك وإحسان معاملتها حتى تؤثر عليها فتنشأ على الإسلام وتتمكن بعد بلوغها من مفارقة أمها. واعمل على مداراة أمها بحيث تتقي شرها ولتفسح لك المجال في جانب تربيتك ابنتك على الإسلام.
والأمر يحتاج منك إلى كثير من الحكمة واستشارة العقلاء الناصحين، وقبل ذلك الاستعانة بالله رب العالمين، والالتجاء إليه بالدعاء. والله تعالى قد قال:فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}، فإذا بذلت الجهد واستفرغت الوسع فنرجو أن تكون قد أديت ما عليك وأبرأت ذمتك فلا يلحقك تبعة هذه البنت إن نشأت على الكفر أو الفسوق.
والله أعلم.