الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في أكثر من فتوى أن هذا النوع من النذر ـ النذر المعلق ـ يكره الإقدام عليه، لما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه وقال: إنه لا يرد شيئاً، وإنما يستخرج به من البخيل.
وفي رواية: النذر لا يقدم شيئاً ولا يؤخر…متفق عليه.
ولأن فيه زيادة واجبات على المرء قد لا يتمكن من القيام بها أو يتساهل فيها فيكون مذموماً عند الله تعالى
ومع ذلك، فإن من نذر ما فيه طاعة لله تعالى وجب عليه الوفاء به، لما في صحيح البخاري وغيره عن عائشة ـ رضي الله عنهما ـ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه.
ولذلك، فنذرك هذا نذر طاعة وتبرر يجب عليك الوفاء به على الكيفية التي نذرته بها إذا تم ما علقته عليه، وهو ذهاب البلاء عن والدتك، لقوله تعالى: وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ {الحج:29}.
وقوله صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه.
لكن ما أعطتك والدتك لأجل العمرة.. لا يدخل في ما نذرت، وإنما يلزم أن يصرف فيما عينته والدتك، لأن شرط الواهب معتبر شرعا، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني.
وفي الموطأ: أن القاسم بن محمد قال: ما أدركت الناس إلا وهم على شروطهم في أموالهم وفيما أعطوا، قال يحيى: سمعت مالكا يقول: وعلى ذلك الأمر عندنا.
ولا يصح لك استبدال النذر بغيره أو الكفارة عنه بصيام ولا غيره إلا إذا عجزت عنه عجزا لا يرجى زواله فعليك في هذه الحالة أن تكفر عنه كفارة يمين، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ومن نذر نذرا لم يطقه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرا أطاقه فليف به. رواه أبو داود وغيره.
وانظر الفتوى رقم: 26871.
وإن كان العجز عن الصيام فعليك مع الكفارة أن تطعم عن كل يوم مسكينا، قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع شرح الإقناع: وإن نذر صياما فعجز عنه لكبر أو مرض لا يرجى برؤه أو نذره أي الصيام في حال عجزه أطعم لكل يوم مسكينا وكفر كفارة يمين، لأن سبب الكفارة عدم الوفاء بالنذر والإطعام للعجز عن واجب الصوم فقد اختلف السببان واجتمعا فلم يسقط واحد منهما لعدم ما يسقطه.
والله أعلم.