الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن فتنة النساء للرجال خطرها عظيم والشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، فالمرأة مأمورة بإخفاء زينتها عن الأجانب واجتناب كل فعل أو قول يثير الفتنة ويحرك الشهوة، فقد نهى الله المؤمنات عن الخضوع بالقول قال تعالى: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا {الأحزاب:32}. ونهاهن عن الضرب بأرجلهن حتى لا يلفتن إليهن أنظار الرجال، فقال تعالى: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ. {النور: 31}.
فقد نهى النساء في هذه الآية أن يضربن الأرض بأرجلهنَّ في مشيتهنَّ ليسمع الرجال صوت خلخالهنَّ، لأن هذا ذريعة إلى تطلع الرجال إليهنَّ فتتحرك فيهم الشهوة، فيقاس عليه كل فعل يثير الفتنة، قال الطاهر بن عاشور: ..وهذا يقتضي النهي عن كل ما من شأنه أن يُذَكِّرَ الرجل بلهو النساء ويثير منه إليهن من كل ما يُرى أو يسمع من زينة أو حركة.. اهـ.
وقال الألوسي: وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ: أي ما يسترنه عن الرؤية: مِن زِينَتِهِنَّ ـ أي لا يضربن بأرجلهن الأرض ليتقعقع خلاخلهن فيعلم أنهن ذوات خلاخل، فإن ذلك مما يورث الرجال ميلاً إليهن ويوهم أن لهن ميلاً إليهم. انتهى.
والمرأة إذا لبست ما يثير انتباه الرجال فهي آثمة ومشاركة لكل من لفت نظره هذا التبرج، كما قال العلماء في من ضربت بخلخالها قاصدة التبرج، قال ابن العربي في أحكام القرآن في قوله: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ {النــور:31} كانت المرأة تضرب برجليها ليسمع قعقعة خلخاليها، فمن فعل ذلك فرحا بحليهن فهو مكروه، ومن فعل ذلك تبرجا وتعرضا للرجال فهو حرام. انتهى. وراجعي الفتوى رقم: 9859 .
والله أعلم.