لا داعي لتأنيب الضمير على ما لم يفعله الشخص

1-8-2012 | إسلام ويب

السؤال:
مشكلتي هي مرض الوسواس القهري فمنذ أزيد من 3 سنوات و أنا أتعالج عند طبيب نفسي، و هو مرض وراثي حيث إن الأب رحمه الله كان يعاني كذلك من المرض. وقد تمكنت من الشفاء منه مؤقتا بفضل الله و المثابرة على الأدوية.
في البداية كان الوسواس يراودني على شكل أفكار بأنني أنا السبب في حادثة تعرض لها والدي حيث أصيب على مستوى رجله فأجريت له عملية تم بتر جزء من رجله و لم يتقبل الفكرة حيت امتنع عن الخروج و عن استقبال الناس الذين يزورونه للاطمئنان عليه و في بعض الحالات عن الأكل و تناول الأدوية مع العلم أنه طول حياته كان مكتئبا عصبيا يعاملنا معاملة غير حسنة.
ولم يرتح قلبي إلا حين سألته هل أنا السبب في ما حدث لك فقال لا أنت لست السبب فأنت كنت دائما منضبطا و لا تخلق المشاكل.
و عند موته راودني الوسواس بأني كنت السبب في موته حيت إنه رحمه الله مات منتحرا خارج البيت مع العلم أني كنت مسافرا في ذلك الوقت.
فبدأت أفكر في الموضوع حتى تذكرت أنه في ذلك الأسبوع كنت أتحدث مع أختي في موضوع أخي الصغير الذي انقطع عن المدرسة حيث قمنا بإرجاعه ( فسألت أختي لماذا غادر المدرسة و هل يواظب في الوقت الراهن فقلت لها لا أفهم ما يدور في خاطره فقد نصحته عدة مرات بالمثابرة و ربط علاقات مع أصدقاء و في الأخير ختمتها بجملة فلإنسان الذي لا يربط علاقات مع الناس فالأفضل له أن ينتحر) مع العلم أن الأب لم يكن متواجدا معنا ولكن في الغرفة المحاذية.
و منذ وفاته و فكرة أنه سمع ذلك الكلام و أقدم على الانتحار تراودني مع العلم أنه أول ما نطقت به عند سماعي بخبر وفاته أني لم أكن متواجدا بالمدينة.
:
- هل أنا السبب في موت والدي؟ وكيف أتقبل هذه الحقيقة و أرضى بالقضاء و القدر في بعض الأحيان أقول في نفسي لماذا فعل الله بنا هذا؟ مع العلم أنه بعد الوفاة اتسع رزقي و الحمد لله.

الإجابــة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

فعليك أن تقتنع تمام الاقتناع أنك لست السبب فيما حدث لوالدك رحمه الله، وعليك أن تجتهد في الدعاء له بالرحمة والمغفرة وأن تكثر من الصدقة عنه ونحو ذلك من الأعمال التي تنفعه بعد موته، فإنه محتاج إلى ذلك أشد الحاجة، ولا ينفعه البتة تأنيبك نفسك على شيء لم تفعله ولم يكن لك فيه يد بالمرة، فإن كنت تحب والدك -عفا الله عنه- فاطرح عنك هذه الوساوس واشغل نفسك بما يعود عليك وعليه بالنفع في الدنيا والآخرة. وإياك والاعتراض على قضاء الله تعالى وقدره فإنه سبحانه حكيم عليم لا يقدر شيئا إلا لحكمة، وربما كان في ابتلائك بهذا المرض خير لك من حيث لا تشعر، وانظر للأهمية الفتوى رقم: 160433 ، واحمد الله على ما أولاك من الرزق ومن به عليك، واجتهد في تناول الأدوية ومراجعة الأطباء، وقبل ذلك في الاستعانة بالله تعالى واللجأ إليه والتضرع له في أن يعافيك من هذا الداء العضال، نسأل الله لك ولجميع المبتلين الشفاء والعافية.

والله أعلم.

www.islamweb.net