الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن ثبت أن المرأة ملزمة بالدية شرعا ـ لا بناء على القوانين الوضعية ـ لتسببها في قتل ولدها فإنها لا ترث من الدية في قول أكثر أهل العلم, قال الماوردي الشافعي في الحاوي الكبير: فَأَمَّا الْقَاتِلُ إِذَا لَمْ يَكُنْ عَامِدًا فِي الْقَتْلِ قَاصِدًا لِلْإِرْثِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهِ، فَقَالَ مَالِكٌ: قَاتِلُ الْخَطَأِ يَرِثُ مِنَ الْمَالِ وَلَا يَرِثُ مِنَ الدِّيَةِ, وَقَالَ الْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ: قَاتِلُ الْخَطَأِ يَرِثُ مِنَ الْمَالِ وَالدِّيَةِ جَمِيعًا, وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يَرِثُ قَاتِلُ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَيَرِثُ، وَكَذَلِكَ الْعَادِلُ إِذَا قَتَلَ بَاغِيًا، وَرِثَهُ وَلَا يَرِثُ الْبَاغِي إِذَا قَتَلَ عَادِلًا، وَمَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ إِلَى إِرْثِ الْبَاغِي الْعَادِلِ كَمَا يَرِثُ الْعَادِلُ الْبَاغِي إِذَا كَانَا مُتَأَوِّلِينَ, وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: كُلُّ قَاتِلٍ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ الْقَتْلِ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ، عَاقِلٍ أَوْ مَجْنُونٍ عَامِدٍ أَوْ خَاطِئٍ، مُحِقٍّ أَوْ مُبْطِلٍ، فَإِنَّهُ لَا يَرِثُ... اهــ.
وكذا ذهب الحنابلة إلَى أَنَّ الْقَتْل الْمَضْمُونَ بِقِصَاصٍ أَوْ دِيَةٍ أَوْ كَفَّارَةٍ لاَ إرْثَ فِيهِ، كما في الموسوعة الفقهية وبهذا يظهر أن الأم المشار إليها لا ترث من الدية في قول المذاهب الأربعة، وانظر الفتوى رقم: 113917، بعنوان: هل يجزئ دفع دية قتل الخطأ إذا دفعتها شركة التأمين.
والله أعلم.