الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخذكما للمال من أصحابه لاستثماره مقابل نسبة من الربح يعتبر شركة مضاربة وعليكما إعلام أصحاب المال أنكما مضاربان لا مال لكما، قال الخرقي من الحنابلة: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما، أو بدنان بمال غيرهما، أو بدن ومال، أو مالان وبدن صاحب أحدهما، أو بدنان بماليهما ـ تساوى المال أو اختلف ـ فكل ذلك جائز. انتهى.
وأما دفعكما للمشروع لغيركما فلا يخلو أن يكون عن إذن من أصحاب المال نصا أوعرفا أو يكون دون إذن منهم، وقد بينا ذلك وما يترتب على كل حالة في الفتويين رقم: 78477، ورقم: 74699.
كما أنه يشترط في المضاربة ألا يضمن رأس المال ولا ربح معلوم، وإنما يكون الاتفاق على نسبة من الربح فيما لو حصل ربح، فإن حصلت خسارة دون تعد أوتفريط كانت في رأس المال ولا يضمنها المضارب، كما بينا في الفتوى رقم: 17902.
ولا يؤثر في صحة المعاملة تعدد العاملين، جاء في المغني لابن قدامة: ويجوز أن يدفع مالا إلى اثنين مضاربة في عقد واحد، فإن شرط لهما جزءا من الربح بينهما نصفين جاز، وإن قال لكما كذا وكذا من الربح ولم يبين كيف هو.. بينهما نصفان، لأن إطلاقه قوله: لكما ـ يقتضي التسوية.
وفي مغني المحتاج: ويجوز أن يقارض في الابتداء المالك الواحد اثنين كزيد وعمرو متفاضلا ومتساويا فيما شرط لهما من الربح، وجاء في التجريد لنفع العبيد: فصل في أحكام القراض: ويجوز تعدد كل من المالك والعامل.
والله أعلم.