الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يعتبر الزوج ظالما لإيقاعه الطلاق بناء على طلبك، بل وليس في الطلاق ظلم للزوجة على أية حال، وإنما يكره الطلاق لو لم يكن له سبب ولم تدع إليه حاجة، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 61804.
وأسباب علاج المشاكل الزوجية كثيرة دون الطلاق، ولا تستقيم الحياة الزوجية إلا بالتفاهم والتغاضي عما يمكن التغاضي عنه من الزلات. فإن سدت كل السبل ولم يكن للألفة والمودة والرحمة طريق إلى قلوب الزوجين فقد شرع الله الطلاق مخرجاً. قال تعالى: (وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً) [النساء:130] وقال تعالى: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) [البقرة:229] .
وكلاكما يتحمل جزءا من المسؤولية فيما حدث. فأنت قد أخطأت في طلبك للطلاق، وقد بينا متى يجوز للمرأة طلب الطلاق من زوجها ومسوغات ذلك في الفتويين: 35669/37112
كما أن الزوج ما كان ينبغي له إجابتك لطبلك الطلاق حين الغضب، والذي ننصح به هو العدول عن ذلك ورجوع بعضكما إلى بعض فقد شرع الله الرجعة بعد الطلاق الأول أو الثاني، ولا يشترط فيها عقد جديد ولا مهر ما دام ذلك في العدة، بل يكفي فيها قول الرجل لزوجته: أرجعتك إلى عصمتي ونحو ذلك مما يدل عليها، ويندب الإشهاد عليها . وقد ثبتت مشروعية الرجعة بالكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب: فقوله تعالى: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا {البقرة:228}. وأما السنة: فقد روى أبو داود عن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها.
وقد أجمع الفقهاء على جواز الرجعة عند استيفاء شروطها.
قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن الحرَّ، إذا طلق دون الثلاث، والعبد دون اثنتين، أن لهما الرجعة في العدة.
والله أعلم.