الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في عظم الخطر في إنكار هذه الأمور التي ثبتت أدلتها في السنة النبوية، وللإمام الشوكاني رسالة في هذا سماها: "التوضيح في تواتر ما جاء في الأحاديث في المهدي والدجال والمسيح".
وأما عن تكفيرهم، فإنه لا يشرع إلا بعد إقامة الحجة عليهم، فإن أقيمت الحجة عليهم واتضح إصرارهم على التكذيب لما ثبت في السنة فيكفرون بذلك.
قال السيوطي في مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة: فاعلموا رحمكم الله أن من أنكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم قولاً كان أو فعلاً بشرطه المعروف في الأصول حجة، كفر وخرج عن دائرة الإسلام وحشر مع اليهود والنصارى أو مع من شاء من فرق الكفرة. اهـ.
وقد سئل ابن حجر الهيتمي عمن أنكر المهدي الموعود به فأجاب: أن ذلك إن كان لإنكار السنة رأسا فهو كفر يقضى على قائله بسبب كفره وردته فيقتل، وإن لم يكن لإنكار السنة وإنما هو محض عناد لأئمة الإسلام فهو يقتضي التعزير البليغ، والإهانة بما يراه الحاكم لائقاً بعظيم هذه الجريمة، وقبح هذه الطريقة، وفساد هذه العقيدة، من حبس وضرب وصفع وغيرها من الزواجر عن هذه القبائح ويرجعه إلى الحق راغماً على أنفه، ويرده إلى اعتقاد ما ورد به الشرع ردعاً عن كفره. انتهى.
وأما القول بفناء النار، فإنه يعتبر قولا فاسدًا، قال به بعض أهل الأهواء والبدع. وسبق أن بينا بطلان هذا القول بالتفصيل وأقوال أهلم العلم حوله. انظر الفتويين : 7485، 64739. وما أحيل عليه فيهما.
وأما الطعن في الصحب كمعاوية، فهو من علامات المبتدعة، فإن صحبة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم أمر مجمع عليه بين علماء الأمة، وقد كان من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد روى له المحدثون في كتب السنة كثيراً من الأحاديث يرويها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة، وقد دل لفضله ما في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال فيه: اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وقد قال النووي رحمه الله: واعلم أن سبَّ الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات سواء من لابس الفتنة منهم وغيره؛ لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون.
وقال أيضاً: قال القاضي: وسب أحدهم من المعاصي الكبائر، ومذهبنا ومذهب الجمهور أنه يعزر ولا يقتل، وقال بعض المالكية: يقتل. انتهى.
وأما تقديم العقل على النقل فهو خطأ عظيم، ولا سيما إن أصر صاحبه على تكذيب النصوص النقلية بعد إقامة الحجة عليه، وراجع في شأن المعتزلة وعدم تكفيرهم الفتوى: 25436.
والله أعلم.