الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح عندنا أن الحلف بالحرام بقصد الطلاق يقع به الطلاق عند الحنث في اليمين، وانظر الفتوى رقم : 14259
، وعليه فإنك إذا دخلت غرفة أختك تطلق زوجتك، لكن إذا دخلت ناسيا أو مكرها ففي وقوع الطلاق حينئذ خلاف، والذي رجحه بعض المحققين من العلماء عدم الوقوع في هذه الحال، كما بيناه في الفتوى رقم : 139800
مع التنبيه إلى أن الإكراه المعتبر في ذلك أن تدخل بغير اختيارك، كما لو حملك من لا تقدر على الامتناع منه فأدخلك الغرفة، أو حصل لك تهديد بقتل أو ضرب ونحوه من قادر عليه، أما مجرد احتياجك للدخول فلا يعد إكراها، ولا فرق بين دخولك على رجليك أو يديك وإنما العبرة باختيار الدخول.
قال ابن قدامة (رحمه الله): وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ دَارًا، فَحُمِلَ فَأُدْخِلَهَا، وَلَمْ يُمْكِنْهُ الِامْتِنَاعُ، لَمْ يَحْنَثْ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ. وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ. وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفِعْلَ غَيْرُ مَوْجُودٍ مِنْهُ، وَلَا مَنْسُوبٍ إلَيْهِ. وَإِنْ حُمِلَ بِأَمْرِهِ، فَأُدْخِلَهَا، حَنِثَ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ مُخْتَارًا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ دَخَلَ رَاكِبًا ..." المغني لابن قدامة.
إلا إذا كنت قصدت بيمينك تخصيص الامتناع من الدخول برجليك فلا تحنث بدخولك على يديك في هذه الحال، أما إذا كنت قصدت الامتناع عن الدخول ولم تقصد تخصيص الدخول بالرجل، فلا عبرة حينئذ بلفظ "برجلي" والعبرة بالنية المصاحبة لليمين. قال ابن قدامة (رحمه الله): ومبنى الأيمان على النية، فمتى نوى بيمينه ما يحتمله تعلقت يمينه بما نواه دون ما لفظ به. الكافي في فقه ابن حنبل.
وقال: فإن عدمت النية رجع إلى سبب اليمين وما هيجها فيقوم مقام نيته لدلالته عليها، فإن عدم ذلك حملت يمينه على ظاهر لفظه. عمدة الفقه.
وأما عن كيفية التحلل من هذه اليمين، فتنحل يمينك بمجرد دخولك الغرفة مختارا غير ناس، ويقع الطلاق، فإن كان هذا الطلاق غير مكمل للثلاث فلك مراجعة زوجتك قبل انقضاء عدتها، ولمعرفة ما تحصل به الرجعة راجع الفتوى رقم : 30719.
أما إذا كنت قد سبق لك طلاق زوجتك مرتين فإنك إذا دخلت الغرفة طلقت زوجتك وبانت منك بينونة كبرى ولا سبيل لك إليها إلا إذا تزوجت زوجا غيرك ـ زواج رغبة لا زواج تحليل ـ ثم بعد الدخول يفارقها الزوج بطلاق أو موت وتنتهي العدة.
وهذا المفتى به عندنا على مذهب الجمهور ، أما على قول شيخ الإسلام ابن تيمية (رحمه الله) فلا يقع طلاق بدخولك الغرفة وإنما تلزمك كفارة يمين، وانظر الفتوى رقم: 11592.
وما دامت المسألة محل خلاف بين أهل العلم فالأولى أن تعرض على المحكمة الشرعية أو على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوقين في بلدكم .
والله أعلم.