الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من شك في أن ما ذكرته عن تلك المرأة قد اشتمل على أخطاء كثيرة؛ بدءا من هروبها من زوجها، وما ذكرته من الممارسة معها واصطحابك لها ومكثكما طيلة تلك المدة منفردين، ثم ذلك العقد الذي لم يكن بإذن وليها ولا بحضور شاهدين...
وعلى أية حال، فإن علاقتك بهذه المرأة قبل الزواج بها إثم، وزواجك بها بدون ولي ولا شهود إثم أيضا. فاستغفر الله تعالى وتب إليه توبة نصوحا، ومن تاب تاب الله عليه مهما عظمت جريرته وكبر خطؤه قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.
وهذا النكاح الذي حصل نكاح فاسد ويجب فسخه . وهو وإن كان فاسدا غير أنه يترتب عليه أثر النكاح الصحيح من لحوق الولد ولزوم الطلاق وغيره كما بينا في الفتوى رقم: 22652.
وقد ذكرت أنك طلقتها كثيرا، والطلاق في النكاح الفاسد طلاق بائن لا يملك الزوج فيه الرجعة، فإن كنت ارتجعتها بعد طلاقك من غير عقد جديد فالرجعة باطلة وهي ليست لك بزوجة.
قال المرداوي: ويقع الطلاق في النكاح المختلف فيه كالنكاح بلا ولي عند أصحابنا. ...... فائدتان..إحداهما: حيث قلنا بالوقوع فيه فإنه يكون طلاقا بائنا. الإنصاف (باختصار).
وقال الدسوقي: خَرَجَ بِالصَّحِيحِ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ الذي يُفْسَخُ بَعْدَ الدُّخُولِ سَوَاءً فُسِخَ بَعْدَهُ أو طَلَّقَ فَلَا رَجْعَةَ. حاشية الدسوقي.
وعلى كل فالأولاد ينسبون إليك.
قال شيخ الإسلام: فإن المسلمين متفقون على أن كل نكاح اعتقد الزوج أنه نكاح سائغ إذا وطئ فيه فإنه يلحقه ولده ويتوارثان باتفاق المسلمين، وإن كان ذلك النكاح باطلا في نفس الأمر باتفاق المسلمين. انتهى.
والذي نراه هو رفع المسألة للقضاء أو مشافهة أهل العلم بها، مع الابتعاد قبل ذلك عن تلك المرأة، فإنها ليست زوجة لك قبل أن تعقد عليها عقدا مستوفي الشروط.
والله أعلم.