الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في صحة اشتراط المرأة على زوجها في عقد النكاح ألا يتزوج عليها ونحوه من الشروط والراجح عندنا أنّه يجوز للمرأة أن تشترط على زوجها مثل هذه الشرط وأن ذلك لا يكون من تحريم الحلال أو ظلم الزوج، بل هو شرط صحيح لازم، وهو مذهب الحنابلة، كما بيناه في الفتوى رقم: 59904.
وليس معنى لزوم الشرط أن الزوج إذا أخلّ بشرطه بطل النكاح، وإنما معناه أنه يحقّ للزوجة فسخ النكاح إذا أخل الزوج بالشرط، وأما إن رضيت بالبقاء فالنكاح باق على صحته، وأمّا عن وجوب الوفاء بالشرط، فالمشهور عند الحنابلة أنّ الوفاء بالشرط مستحب غير واجب فلا يأثم الزوج بمخالفته، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى وجوب الوفاء بالشروط وإلزام الزوج بها قضاء، قال المرداوي: حيث قلنا بصحة شرط سكنى الدار أو البلد ونحو ذلك لم يجب الوفاء به على الزوج، صرح به الأصحاب، لكن يستحب الوفاء به، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ في رواية عبد الله، ومال الشيخ تقي الدين ـ رحمه الله ـ إلى وجوب الوفاء بهذه الشروط ويجبره الحاكم على ذلك.
وأما إذا كان المقصود بالشرط تعليق طلاق الزوجة بزواج غيرها، فإن الزوج إذا تزوج عليها وقع طلاقها، قال الشيخ عليش رحمه الله: فإن اشترط الزوج شيئا من ذلك في العقد، أو بعده فلا يخلو إما أن يعلقه بطلاق، أو عتق، أو تمليك أم لا، فإن علقه بطلاق، أو عتق، أو تمليك لزمه ذلك، كقوله إن تزوجت عليها فهي طالق، أو فالزوجة طالق.
والله أعلم.