الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائل الكريم على متابعة فتاوانا وتصفح موقعنا ونرحب باستشكالاته وملاحظاته.. وبخصوص ملاحظتك: فإن من المعلوم في اللغة أن من معاني السمع الإجابة، ومنه قولنا في الصلاة: سمع الله لمن حمده، أي: أجاب الله دعاء من حمده، قال ابن عاشور في التحرير والتنوير عند قول الله تعالى: فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم ـ استجاب المعطوف بفاء التعقيب، أي أجاب دعاءه بدون مهلة، لأنه سريع الإجابة وعليم بالضمائر الخالصة، فالسمع مستعمل في إجابة المطلوب، يقال: سمع الله لمن حمده.
وقال ابن القيم عند تفسير قول الله تعالى: فاستعذ بالله إنه سميع عليم .. والسمع هنا المراد به سمع الإجابة، لا السمع العام، فهو مثل قوله: سمع الله لمن حمده، وقول الخليل: إن ربي لسميع الدعاء.
وقال ابن كثير في التفسير: إن ربي لسميع الدعاء ـ أي إنه يستجيب لمن دعاه.
وقال القرطبي: إنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء ـ أي قابله، ومنه: سمع الله لمن حمده.
ولهذا، فالمقصود بقولهم: الله يسمع منك ـ أي يقبل منك ويستجيب دعاءك.. ولا داعي لتفسيره بالاحتمالات المذكورة، وقد رأيت تفسير الراسخين في العلم لما جاء في نصوص الشرع بهذا المعنى، ولا يقاس هذا على النهي عن قول: راعنا، لأنها تعني بلغة اليهود كلمة سب.. أي اسمع لا سمعت، وقيل: بمعنى الرعونة، فالنهي عنها هو لما فيها من احتمال السب، وليس كذلك ما هنا.
والله أعلم.