الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنه لا يجوز الإقدام على تغيير خلق الله الذي خلق عليه الإنسان لا بزيادة فيه ولا بنقص، بقصد التجميل وزيادة الحسن، لكن إذا كان الإنسان على صورة مشوهة مشينة فلا حرج عليه -إن شاء الله- في إزالة التشويه، وعليه؛ فإذا كان الذي بأنفك قد وصل إلى حد العيب المنفر فيجوز إجراء عملية لإزالته، ولا يعتبر ذلك من تغيير خلق الله، أما إن كان دون ذلك بل لمجرد زيادة الحسن فلا يجوز تغييره.
ففي اللقاء الشهري للشيخ محمد بن صالح العثيمين: فالتجميل نوعان:
النوع الأول: إزالة عيب. والنوع الثاني: زيادة تحسين.
أما الأول فجائز -إزالة العيب- فلو كان الإنسان أنفه مائل فيجوز أن يقوم بعملية لتعديله؛ لأن هذا إزالة عيب، الأنف ليس طبيعياً بل هو مائل فيريد أن يعدله، كذلك رجل أحول، الحول عيب بلا شك، لو أراد الإنسان أن يعمل عملية لتعديل العيب يجوز أو لا يجوز؟ يجوز، ولا مانع، لأن هذا إزالة عيب. ...
أما النوع الثاني: فهو زيادة تحسين، هذا هو الذي لا يجوز؛ ولهذا لعن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم المتفلجات للحسن، بمعنى: أن تبرد أسنانها حتى تتفلج وتتوسع للحسن، لعن الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ذلك، ولعن الواصلة التي تصل شعرها القصير بشعر وما أشبه ذلك. انتهى.
وانظري الفتوى رقم :150725، والفتوى رقم :142429، لمزيد الفائدة.
أما السؤال عما إذا كان التفكير في إجراء تلك العملية يتنافى مع الرضا بما كتبه الله. فجوابه أنه قد لا يتنافى معه؛ لكن الرضا بالقضاء المكروه ليس واجبا في الأصح من كلام أهل العلم بل الواجب هو الصبر عليه.
قال في الآداب الشرعية: قَالَ فِي نِهَايَةِ الْمُبْتَدِئِينَ: هَلْ يَجِبُ الرِّضَا بِالْمَرَضِ وَالسَّقَمِ وَالْفَقْرِ، وَالْعَاهَةِ وَعَدَمِ الْعَقْلِ ؟ قَالَ الْقَاضِي : لَا يَلْزَمُ ، وَقِيل : بَلَى، قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ تَعَالَى وَاجِبٌ فِيمَا كَانَ مِنْ فِعْلِهِ تَعَالَى كَالْأَمْرَاضِ وَنَحْوِهَا. قَالَ: فَأَمَّا مَا نَهَى عَنْهُ مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ كَالْكُفْرِ وَالضَّلَالِ فَلَا يَجُوزُ إجْمَاعًا إذْ الرِّضَا بِالْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي كُفْرٌ وَعِصْيَانٌ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَنَّ الرِّضَا بِالْقَضَاءِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ إنَّمَا الْوَاجِبُ الصَّبْرُ .انتهى.
أما عن إجراء العملية في رمضان فإذا لم تؤد للفطر فلا حرج في ذلك، وإذا كانت ستؤدي للفطر فلا شك أن الأولى تأخيرها إلى ما بعد رمضان لا سيما وهي عملية غير طارئة ولا يتأذى المريض بتأخيرها، وإن تمت في رمضان فالذي يظهر أن ذلك جائز كما تقدم في الفتوى رقم :112671.
وعن السؤال الأخير فالأصل أن العمل بالقول الراجح واجب فيجب على المسلم أن يتبع ما دل عليه الكتاب أو السنة، أما المقلد الذي لا قدرة له على فهم الأدلة والموازنة بينها ففرضه سؤال من يثق في علمه ودينه من العلماء، فإذا قلد العامي محل ثقة عنده في مسألة يرى ذلك الثقة رجحانها فلا يأثم العامي بالعمل بها ولو كان الدليل بخلافها أقوى، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 180003 .
والله أعلم.