الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على بطلان عقد النكاح إذا حصل الإيجاب والقبول كتابة فقط دون لفظ من العاقدين، وذهب بعضهم إلى صحته، جاء في الفتاوى الهندية من كتب الحنفية: وَلَا يَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ مِنْ الْحَاضِرَيْنِ فَلَوْ كَتَبَ تَزَوَّجْتُكِ فَكَتَبَتْ قَبِلْتُ، لَمْ يَنْعَقِدْ، هَكَذَا فِي النَّهْرِ الْفَائِقِ.
وقال الشيخ الدردير المالكي رحمه الله: وَلَا تَكْفِي الْإِشَارَةُ وَلَا الْكِتَابَةُ إلَّا لِضَرُورَةِ خَرَسٍ.
وقال الهيتمي الشافعي رحمه الله: وَلَا يَنْعَقِدُ بِكِتَابَةٍ فِي غَيْبَةٍ أَوْ حُضُورٍ، لِأَنَّهَا كِنَايَةٌ.
وقال المرداوي الحنبلي رحمه الله: اعْلَمْ أَنَّ الصَّحِيحَ مِنْ الْمَذْهَبِ: أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ، لَا غَيْرُ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، مِنْهُمْ: صَاحِبُ الرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِي الصَّغِيرِ وَالْوَجِيزِ، وَغَيْرِهِمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: يَصِحُّ، وَيَنْعَقِدُ بِالْكِتَابَةِ أَيْضًا...... وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ: يَنْعَقِدُ بِمَا عَدَّهُ النَّاسُ نِكَاحًا، بِأَيِّ لُغَةٍ وَلَفْظٍ وَفِعْلٍ كَانَ.
وعليه، فالعقد الأول غير صحيح عند جماهير العلماء، أما العقد الذي باشره أبوك بغير توكيل منك مع رضاك به ففي صحته خلاف، قال المرداوي رحمه الله: لَوْ تَزَوَّجَ الْأَجْنَبِيُّ لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَقِيلَ: هُوَ كَفُضُولِيٍّ، فِيهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ.
مع التنبيه إلى أن التوكيل لا يستلزم حضورك وقت العقد، وإنما يحصل بإذنك لوالدك في إجراء العقد بأي لفظ يدل عليه، قال ابن قدامة رحمه الله: ويجوز الإيجاب بكل لفظ دل على الإذن، نحو أن يأمره بفعل شيء، أو يقول: أذنت لك في فعله ........ ويجوز القبول بقوله: قبلت، وكل لفظ دل عليه، ويجوز بكل فعل دل على القبول، نحو أن يفعل ما أمره بفعله. هـ باختصار.
فإن كان حصل منك توكيل لأبيك على هذا النحو فالعقد صحيح بلا إشكال، وإن لم تكن وكلته فالأحوط أن تجدد العقد، وأما الحمل الذي حصل بعد العقد الأول فهو لاحق بك بكل حال ما دمت قد اعتقدت صحة الزواج، وانظر الفتويين رقم: 22652، ورقم: 143545.
والله أعلم.