الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرجل يملك بضع المرأة بمجرد العقد الشرعي، وتصير زوجة له يحل له منها كل ما يحل بين الزوجين؛ فله أن يختلي بها، كما يجوز لهما الحديث معاً، والخلوة معاً، والخروج معا .
وقد ذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لا يجوز منع الزوج من الدخول بزوجته بعد تسليم المهر ولو شرط في العقد خلاف ذلك، وأنه إنما يعتبر ذلك ويلزم إذا اشترط لصغرها أو السفر بها وأما لغير ذلك فهو غير معتبر، الا بالقدر الذي تهيئ نفسها به حسب العادة. قال خليل المالكي في مختصره: وتمهل سنة إن اشترطت لتغربة أو صغر، وإلا بطل؛ لا أكثر، وللمرض والصغر المانعين من الجماع، وقدر ما يهيئ مثلها أمرها. اهـ.
وقال عليش: قال مالك رضي الله تعالى عنه في التي شرطوا عليه أن لا يدخل بها إلى سنة: إن كان لصغر، أو لاستمتاع أهلها منها لتغربة بها, فذلك لازم وإلا بطل الشرط. ا هـ , وفي العتبية سئل عمن تزوج بشرط أن لا يدخل خمس سنين قال: بئسما صنعوا والنكاح ثابت وله البناء بها قبل ذلك ... . ( و ) تمهل ( للمرض ) بها قبل البناء ( والصغر ) بها ( المانعين عن الجماع ) لانقضائهما وإن زاد على سنة وإن لم يشترط فيهما .... اهـ.
إلا أن الأولى بالزوج أن يراعي العرف الجاري في بلده، وأن يوفي بالاتفاق مع ولي المرأة إن كان هنالك اتفاق على أن الدخول مرجأ إلى أربعة أشهر.
ونحن نرى أن المتفق عليه بينك وبين أهل زوجتك هنا هو تأجيل الزفاف والدخول لمدة أربعة أشهر، وليس مجرد الاتصال والكلام ونحوه...
وعليه يكون والد زوجتك قد بالغ في منعك مما لا يبدو أنه داخل فيما تم الاتفاق عليه، ونرى أن لك الحق في مطالبته بالسماح لك بالاتصال بها بواسطة الهاتف أو الانترنت.
ولكن ينبغي أن تتفهم منه حرصه على المحافظة على بيته وسمعته، وأخلاق ابنته، وتحسبه لما يحتمل حصوله من فسخ العقد أو الوفاة، فإن أهل الزوجة يتحرجون كثيرا في أن تختلي ابنتهم بزوجها قبل زفافها إليه خشية أن يحصل حمل قبل الزفاف، وقد يتوفى الزوج أو يفسخ العقد لسبب أو لآخر، وتكون المرأة قد علق بها حمل فتقع الزوجة وأهلها في الحرج.
ولهذا ننصحك أن تهون الأمر على نفسك وتصبر وتتحلى بالحلم والأناة والترفق مراعاة لحق والد الفتاة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله تعالى رفيق يحب الرفق، ويعطى عليه ما لا يعطي على العنف. رواه أحمد، وأبو داود وابن ماجه وابن حبان في صحيحه.
واحذر من الوقوع في مشادة أو خصومة معه، لأنه ربما يحدث من وراء ذلك أمور لا تحمد عقباها، ولا بأس باللجوء إلى بعض الأخيار ممن يوثق بهم ليكلم الأب ويقنعه بأن يسمح لك بما تريد مما هو مباح لك شرعا.
فيمكن أن توسط إمام الحي أو أحد العلماء فيه ليتحاور مع والد زوجتك ويوضح له الأمر برفق وحكمة.
والله أعلم.