الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الحال ما ذكر فلا ريب في كونك مصابا بهذا الداء العضال الذي هو الوسوسة، نسأل الله لك العافية، والعلاج الأمثل لهذه الوساوس هو أن تعرض عنها وألا تلتفت إلى شيء منها، وانظر الفتوى رقم: 51601 ، ورقم: 134196 ، فمهما شككت في أنك تركت عضوا من أعضاء الطهارة أو شيئا من أفعال الصلاة فلا تلتفت إلى هذا الشك، واقطع واجزم بأن عبادتك صحيحة، لأنك متعبد بالأحكام الظاهرة ولا تحاسب على ما في نفس الأمر لو كان على وفق الوسوسة، فأهمل هذه الوساوس بالكلية ولا تسمح للشيطان أن يبذر في قلبك بذورها، ودليل صحة عبادتك مع الإعراض عن الوساوس هو قوله تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ. {الحج:78}. وقوله سبحانه: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {البقرة:286}. وفي الفتويين اللذين أحلناك عليهما كلام كثير للعلماء حول هذا المعنى وفيه كفاية إن شاء الله.
وأما الغسل بهذه الطريقة فهو مجزئ يرتفع به الحدث، وأما المذي فإذا شككت في خروجه فلا تلتفت إلى هذا الشك ولا تفتش وتبحث هل خرج أو لا؟ وانظر الفتوى رقم: 118682 ، فإذا تيقنت من خروجه فيلزمك حينئذ ما يلزم من خروج المذي، ولا يلزمك أن تغتسل مع الشك في خروج المني فإن الأصل عدم خروجه، فيكفيك أن تبني على هذا الأصل، وبالجملة فإنه كلما عرض لك الوسواس في باب من أبواب الدين فينبغي لك أن تعرض عنه ولا تعيره اهتماما ريثما يعافيك الله تعالى.
والله أعلم.