الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالدعاء مشروع في كل وقت، وهو في حال الصوم وعند الفطر آكد، جاء في الموسوعة الفقهية: ضمن المواطن التي يستحب فيها الدعاء، حال الصوم وحال الإفطار من الصوم، أمر الله بصوم رمضان وذكر إكمال العدة ثم قال: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ـ وفي ذلك إشارة إلى المعنى المذكور، قال ابن كثير: في ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام إرشاد إلى الاجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة، بل وعند كل فطر، لما روى عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة ـ فكان عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ إذا أفطر دعا أهله وولده ثم دعا، ولما روي أيضا: إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد. انتهى.
وقال النووي ـ رحمه الله ـ في شرح المهذب: يستحب للصائم أن يدعو في حَالِ صَوْمِهِ بِمُهِمَّاتِ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا لَهُ وَلِمَنْ يُحِبُّ وَلِلْمُسْلِمِينَ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: ثَلَاثَةٌ لَا تُرَدُّ دَعْوَتُهُمْ: الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ وَالْإِمَامُ الْعَادِلُ وَالْمَظْلُومُ ـ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ ـ وَهَكَذَا الرِّوَايَةُ حَتَّى بِالتَّاءِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ فَيَقْتَضِي اسْتِحْبَابُ دُعَاءِ الصَّائِمِ مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ إلَى آخِرِهِ، لِأَنَّهُ يُسَمَّى صَائِمًا فِي كُلِّ ذَلِكَ. انتهى.
وبه يتبين لك أن الدعاء في جميع زمن الصوم أمر حسن، ثم هو مستحب كذلك عند الإفطار أي بعد حصول الفطر، لما مر بك من الآثار، وانظر الفتوى رقم: 162607.
وقد نص الفقهاء على استحباب الدعاء عند الفطر، ومرادهم به عقب تناول المفطر، قال في نهاية المحتاج ضمن سنن الصوم: وأن يقول عند ـ أي عقب ـ فطره: اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت، للاتباع، رواه أبو داود بإسناد حسن، لكنه مرسل وروي أيضا أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول حينئذ: اللهم ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله تعالى. انتهى.
فتبين بهذا أن الدعاء في جميع نهار الصوم مسنون، وأنه مسنون كذلك عند الفطر، والمراد به عقب تناول المفطر، ولا ينافي هذا تعجيل الفطر، فإنه يعجل الفطر عند تحقق الغروب، ثم يدعو بما ورد أو بغيره، وأما ما ذكرته مما يدل على استحباب ذكر الله قبل غروب الشمس، فإنه عام في استحباب الذكر في هذا الموضع للصائم والمفطر على السواء.
والله أعلم.