الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأجرة المغني محرمة بإجماع العلماء، قال النووي: أجمع المسلمون على تحريم حلوان الكاهن، لأنه عوض عن محرم، وكذلك أجمعوا على تحريم أجرة المغنية للغناء. اهـ.
وذلك لحرمة الغناء، فكل فعل محرم يحرم أخذ العوض عليه، فإن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه، وراجع الفتوى رقم: 49655.
وأخذ الأجرة على الغناء من أكل أموال الناس بالباطل الذي نهى الله عنه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ {النساء:29}.
وكل ما حرم الشرع أكل المال به فهو باطل، قال ابن جرير الطبري: الباطل الذي نهى الله عن أكل الأموال به، هو ما وصفنا مما حرمه على عباده في تنزيله أوْ على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم. اهـ.
فأكل أموال الناس الباطل ليس محصورا في أخذ أموال الناس بخداعهم، أو بغير رضا منهم، والغناء المشتمل على المعازف قد ذكر كثير من أهل العلم الإجماع على تحريمه، وسبق تفصيل ذلك وذكر أدلته في الفتوى رقم: 5282.
وكثير من العلماء الذين يذكر عنهم إباحة الغناء فمرادهم به الحداء الذي يسميه الناس اليوم بالنشيد، وعلى فرض وجود خلاف بين العلماء في حكم الغناء، فإن الخلاف لا يؤثر على الحكم الشرعي، قال ابن تيمية: تعليل الأحكام بالخلاف علة باطلة في الأمر نفسه، فإن الخلاف ليس من الصفات التي يعلّق الشارع بها الأحكام في الأمر نفسه، فإن ذلك وصف حادث بعد النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ.
والواجب في حال وجود الخلاف في مسألة البحثُ عن القول الأرجح دليلا، أو تقليد من تبرأ الذمة بتقليده من العلماء، وليس للمرء أن يختار من أقوال العلماء ما يشتهي ويهوى، وراجع الفتويين رقم: 120640، ورقم: 4145.
والله أعلم.