الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نوصيك ونؤكد عليك بأن تحرصي على تهوين الأمر على نفسك، وأن تكثري من ذكر الله تعالى، فذلك من أعظم ما يعينك على تهدئة خواطرك، قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}، وإن اقتضى الأمر مراجعة بعض الثقات من الأطباء النفسيين فافعلي، مع الستر على نفسك وعدم إخباره بحقيقة الأمر، فربما تجدين عنده بعض التوجيهات التي تعينك على الهدوء. وتذكري هنا ما أنعم الله به عليك من التوبة النصوح، وعودتك بعد هذا الذنب إلى حال هو أحسن مما كنت عليه سابقا، ففي هذا من الخير ما يبعث على الطمأنينة.
قال ابن القيم - رحمه الله - في كتابه الوابل الصيب: فإذا أراد الله بعبده خيرا فتح له من أبواب ( التوبة ) والندم والانكسار والذل والافتقار، والاستعانة به، وصدق اللجأ إليه، ودوام التضرع والدعاء والتقرب إليه، بما أمكن من الحسنات ما تكون تلك السيئة به رحمته، حتى يقول عدو الله: يا ليتني تركته ولم أوقعه. وهذا معنى قول بعض السلف: إن العبد ليعمل الذنب يدخل به الجنة، ويعمل الحسنة يدخل بها النار. قالوا: كيف ؟ قال: يعمل الذنب فلا يزال نصب عينيه منه مشفقا وجلا باكيا نادما، مستحيا من ربه تعالى، ناكس الرأس بين يديه، منكسر القلب له، فيكون ذلك الذنب أنفع له من طاعات كثيرة بما ترتب عليه من هذه الأمور التي بها سعادة العبد وفلاحه حتى يكون ذلك الذنب سبب دخوله الجنة.....اهـ.
ونذكرك بهذه المناسبة بوجوب التوبة مما كنت عازمة عليه من إجهاض الحمل، واحمدي ربك أنه لم يتم، فالإجهاض جرم عظيم ولو كان الجنين في طور النطفة؛ كما هو مبين بالفتوى رقم: 35536.
وبالنسبة لزوجك فهذه البنت ابنة له شرعا؛ كما سبق وأن بينا لك في جواب سؤالك الذي أوردته إلينا، وهو برقم: 165925فهي ابنته من جهة النسب لا لمجرد إرضاعك لها، وإخوته أعمام لها، تعاملهم على هذا الأساس ويعاملونها عليه.. إذن فالأمر محسوم من هذه الجهة.
واستسلامك للخواطر التي تنتابك واسترسالك معها فيه ضرر كبير عليك، فاستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، واصدقي ربك وتوجهي إليه بالدعاء يكشف عنك ما تجدينه بإذنه سبحانه، قال تعالى:أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ {النمل:62}، وراجعي الفتوى رقم: 119608.
نسأله سبحانه أن يدفع عنك كل هم وأن يفرج عنك كل كرب بمنه وكرمه تعالى.
وإخبارك زوجك بحقيقة ما حدث إضافة إلى كونه مخالفا لما أمر به الشرع من الستر على النفس ربما ترتب عليه كثير من العواقب غير الحميدة، فلا تقدمي على ذلك أبدا، واستأنفي حياتك مع زوجك كأن شيئا لم يكن، وأكثري من الدعاء له بخير. وجاهدي نفسك في أن يكون تعاملك مع هذه الطفلة على الحال الطبيعي كبقية إخوتها، وادفعي عنك أي مشاعر سيئة تجاهها. وقد ذكرت أنك تحبينها فالحمد لله على ذلك.
والله أعلم.