الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما الأولى: فهي واقعة، لأنك قد علقت فيها الطلاق على أمر فحصل، والراجح الذي عليه جمهور أهل العلم أن الطلاق المعلق على شيء يقع بحصول المعلق عليه، وقد خالف بعض أهل العلم في هذا، وسبق أن بسطنا القول في الطلاق المعلق في الفتوى رقم: 19162، فراجعها.
وأما الثانية: التي هددتك فيها الزوجة بقتل نفسها، فإن كان يغلب على ظنك فعلها لما هددت به إن لم تطلقها، فالظاهر عدم اعتبار ما صدر منك حينئذ، لأن هذا إكراه، وراجع الفتوى رقم: 121714.
وقد جاء في فتاوى بن عثيمين: ما تقولون في رجل أجبرته زوجته على أن يطلقها، وقالت: إما أن تطلق وإما أن تقتل نفسها وهي قادرة على أن تنفذ هذا، السكين بيدها، فطلق، هل يقع الطلاق أو لا؟ فأجاب: لا يقع الطلاق، لأنه مكره فقيل له: كيف كان مكرهاً؟ فقال: لأنها تريد أن تقتل نفسها، وهي قادرة على أن تنفذ، وهذا من أشد ما يكون من الإكراه، لذلك نقول: لا يقع الطلاق، وهكذا جميع الأحكام لا تترتب على المكره. انتهى باختصار.
وأما الثالثة: فهي واقعة، لأن لفظ الطلاق الصريح ـ أي مادة: الطاء، اللام، القاف ـ لا تحتاج إلى نية، بل مجرد النطق بها كاف، ولو لم ينو به الزوج طلاقا، قال ابن قدامة في المغني: صريح الطلاق لا يحتاج إلى نية، بل يقع من غير قصد، ولا خلاف في ذلك.
ويرى بعض أهل العلم أن الرجعية لا يلحقها طلاق. وعليه؛ فتكون الطلقة الأخيرة غير واقعة، لكن الراجح لزومها، وبهذا يتبين أن اثنتين من هذه الطلقات ـ الأولى والأخيرة ـ لازمتان على الراجح من أقوال أهل العلم، وأما الثانية: فإن كنت حقا تخشى أن تقتل نفسها إن لم تطلقها فلا يلزمك فيها طلاق لحصول الإكراه على الراجح.
والله أعلم.