الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الذبح الممنوع شرعا هو ما كان تقرباً وتعظيماً للجن أو غيرهم من المخلوقات، فهذا منكر وشرك ملعون فاعله، كما في صحيح مسلم عن علي ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لعن الله من ذبح لغير الله.
وإما إن ذبح إكراما للضيف، فهذا من الأمور المشروعة، كما فعل أبو التيهان الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ لما ذهب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر في ظهيرة يوم من الأيام، قام إلى شاة ليذبحها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إياك والحلوب.
لكنه أقره على ذبح الشاة.
وقد ندب أهل العلم أن يختار المضيف لضيفه أحسن ما يجد، فقد قال ابن كثير في تفسيره لقول الله تعالى في ضيافة إبراهيم: فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين ـ وهذه الآية انتظمت آداب الضيافة، فإنه جاء بطعامه من حيث لا يشعرون بسرعة، ولم يمتن عليهم أولا فقال: نأتيكم بطعام؟ بل جاء به بسرعة وخفاء، وأتى بأفضل ما وجد من ماله وهو عجل فتي سمين مشوي. اهـ.
واعلم أن الأولى للمضيف وصانع الطعام أن ينفق ماله ابتغاء وجه الله لا يريد من أحد جزاء ولا شكورا، ففي الحديث: وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها. متفق عليه.
وأما أن يذبح للضيف ليتوصل به إلى حاجة من حاجات الدنيا أو لينال عوضا أفضل منه: فهذا جائز ولا ثواب فيه، قال الطبري في قول الله تعالى: وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوا: قال ابن عباس: يريد هدية الرجل الشيء يرجو أن يثاب أفضل منه، فذلك الذي لا يربو عند الله ولا يؤجر صاحبه، ولكن لا إثم عليه، وقال ابن عباس وابن جبير وطاووس ومجاهد: هذه الآية نزلت في هبة الثواب، قال ابن عطية: وما جرى مجراها مما يتصدق له الإنسان ليجازى عليه، فهو إن كان لا إثم عليه فلا أجر فيه ولا زيادة عند الله تعالى. اهـ.
وقال الجصاص في أحكام القرآن: فأما الربا الحلال فهو الذي يلتمس به ما هو أفضل منه. اهـ.
والله أعلم.