الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث المذكور تناقلته كتب السير وغيرها، فقد رواه البيهقي في السنن، وابن أبي شيبة في مصنفه، وعبد الرزاق وغيرهم، ولعل معناه أن أم المؤمنين عائشة ـ رضي الله عنها ـ لم تكن في غرفتها لتشاهد الدفن وذلك لوجود الرجال من أهل بيته صلى الله عليه وسلم وغيرهم في البيت لتجهيز دفنه.. ويمكن أن تكون مع النساء في أحد البيوت المجاورة، فلم يعلمن بدفنه صلى الله عليه وسلم، أو كن يستبعدن أنه سيدفن حتى سمعن أدوات الدفن من المَساحِي جمعُ مِسْحاةٍ وهي المِجْرَفَة من الحديد، والكرازين الفؤوس تعمل في دفنه صلى الله عليه وسلم، قال الشوكاني في نيل الأوطار: قوله: المرور جمع مَرّ بفتح الميم بعدها راء مهملة وهو المسحاة على ما في القاموس، وقيل: صوت المسحاة على الأرض.
وقد وقع مثل هذا لأم سلمة ـ رضي الله عنها ـ أيضا، فقد جاء في الموطأ: أنها كانت تقول: ما صدقت بموت النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمعت وقع الكرازين.
وكما وقع لفاطمة ـ رضي الله عنها ـ فقد جاء في صحيح البخاري: قالت فاطمة ـ عليها السلام ـ يا أنس؛ أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب.
وقول الشيخ الأرنؤوط: حديث محتمل للتحسين ـ يعني أنه متردد بين الحُسن والضعف، فهو لا يجزم بحسنه.
والله أعلم.