الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بينا في جملة من الفتاوى أنه إذا كانت الملفات التي يتم رفعها وتحميلها مباحة لا حرج في الجعالة على تحميلها شريطة أن يكون الجعل معلوماً ـ كما هو مذهب الجمهور ـ جاء في الموسوعة الفقهية: قال المالكية والشافعية والحنابلة: يشترط لصحة عقد الجعالة أن يكون الجعل مالا معلوماً جنساً وقدراً. انتهى.
وإن كان من العلماء من ذهب إلى عدم تأثير الجهالة في الجعل إن كانت لا تمنع التسليم، قال ابن قدامة في المغني: ويحتمل أن تجوز الجعالة مع جهالة العوض إذا كانت الجهالة لا تمنع التسليم, نحو أن يقول: من رد ضالتي فله ثلثها، فإن أحمد قال: إذا قال الأمير في الغزو: من جاء بعشرة رؤوس فله رأس جاز، فأما إن كانت الجهالة تمنع التسليم لم تصح الجعالة, وجها واحدا. انتهى.
وما ذكرته من كون المعاملة تقتضي أن تعطيك الشركة دولارا عن كل ألف زبون، ليس مجهولا، إذ لا فرق بين أن تقول الشركة من جاءني بزبون فله دولار أو من جاءني بألف زبون فله دولار، وذلك مثل قول القائل من رد علي ضالتي فله كذا وقد تكون الضالة واحدة أو أكثر، وهذا كله لا حرج فيه، ومن صور الجهالة التي تمنع صحة الجعالة ما لو قالت الشركة: من جاءني بألف زبون فله مكافأة ولم تحدد جنسها ولا مقدارها، وأما كون العامل قد يفعل بعض العمل فيأتي ببعض الزبناء لكن لا يصل عددهم إلى الحد المتفق عليه فهنا يرى بعض العلماء أنه لا يستحق شيئا من الجعل، وقيل يستحق من الجعل بقدر عمله إن استفيد منه، كما بينا في الفتوى رقم: 124841.
والله أعلم.