الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يفرج همك، وأن ينفس كربك، وأن يعافيك في دينك ودنياك.
وأما ما ذكرت من الابتلاء فهو جار على حكمة الله تعالى في خلقه، فما خُلِق الإنسان إلا ليُمتحَن ويختبَر، كما قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (هود: 7) وقال سبحانه: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً (الملك: 2).
وقد سبق لنا بيان أن الدنيا دار ابتلاء، وبيان بعض ثمرات الابتلاءات والمصائب وفوائدها، في الفتويين: 51946، 16766. كما سبق لنا ذكر بعض البشارات لأهل البلاء، وبيان الأمور المعينة على تجاوز المصائب، في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 18103، 5249، 39151.
والابتلاء تارة يكون لتكفير الخطايا ومحو السيئات، وتارة يكون لرفع الدرجات وزيادة الحسنات، وتارة يقع لتمحيص المؤمنين وتمييزهم عن المنافقين، وتارة يعاقب المؤمن بالبلاء على بعض ذنوبه، كما سبق بيانه في الفتويين: 27048، 44779.
وأما مسألة الدعاء، فيجوز للمظلوم أن يدعو على ظالمه بقدر مظلمته دون زيادة ولا تعدٍ, ومع ذلك فالعفو والصفح أعلى وأفضل, وخير لصاحبه في الدنيا والآخرة، وقد سبق لنا تفصيل ذلك في الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 20322، 22409، 114087.
وأما التفكير في الانتحار، فنقْصٌ في العقل, وضعف في الدين، وقد سبق لنا بيان فظاعة إثمه، وشدة جرمه، ومرير أثره، وسبل الوقاية منه، وأنه لا يمكن أن يكون حلاً لمشكلة، أو نجاة من معضلة، أو سببًا لراحة، بل هو نفسه أعظم الكربات وأكبرها، فإنه ينقل المرء مما يظنه همًّا وشدة، وغمًّا وكربة، إلى عين ذلك وحقيقته، حيث يظل يُعذب في قبره بوسيلة انتحاره إلى يوم القيامة، وبعد ذلك تنتظره نار جهنم - والعياذ بالله - وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 10397، 22853، 33789.
فنوصيك بالصبر ، والإكثار من الدعاء والاستغفار ، ولزوم الطاعة ، فإن الله تعالى يقول: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ * وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (الطلاق: 2، 3).
والله أعلم.