الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإننا نشكرك أولاً على غيرتك على عرضك وأعراض الآخرين من أن تنتهك، وحرصك على حفظ نفسك من الوقوع في الفواحش، فذلك من شأن أهل الإيمان، فجزاك الله خيرًا, وحفظك وحفظ لك دينك حتى تلقاه على خاتمة حسنة.
ومن المقرر عند أهل العلم أن حقوق العباد مبنية على المشاحة، فلا تسقط إلا باستبراء أصحابها، ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال:" من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منها, فإنه ليس ثم دينار ولا درهم من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته, فإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه". فالحقوق المادية لابد أن ترد إلى أصحابها أو يُستسمحون فيها.
وأما الحقوق المعنوية كالغيبة والنميمة وأمثالها من الحقوق التي تتعلق بالعرض فقد وقع خلاف بين العلماء في حكمها، وقد بينا ذلك بالفتوى رقم: 18180 وقد رجحنا فيها القول بالاكتفاء بالدعاء للمظلوم مراعاة لمقاصد الشرع في تحقيق المصالح ودرء المفاسد.
ومن تدبرأمر هتك الأعراض بالزنا وخطورته يتبين له أن المصلحة الراجحة تكمن في التوبة النصوح مع الستر على النفس, وعدم إخبار الزوجة بأمر زناها أحدًا: لا الزوج ولا غيره, وكذلك الحال في من خان زوجًا في زوجته, ولا شك في أن للزوج حقًا على من انتهك عرضه، قال ابن القيم في الجواب الكافي: فالزاني بالمرأة التي لها زوج أعظم إثمًا من التي لا زوج لها، إذ فيه انتهاك حرمة الزوج, وإفساد فراشه, وتعليق نسب عليه لم يكن منه، وغير ذلك من أنواع أذاه....اهـ.
وأما ما يتعلق بالبكارة فإن للرجل أن يشترط كون التي يريد الزواج منها بكرًا، فإذا اشترط أن تكون بكرًا، ثم وجدها على خلاف ما اشترط، فله الخيار في فسخ الزواج، وتراجع الفتوى رقم: 52000.
وأما كون من زنى زني بأهله، فقد ورد بخصوصه حديث لا يصح، ويمكن مراجعة الفتوى رقم: 164967 ففيها بيان حال هذا الحديث، وتوجيه معناه لو صح سنده.
والله أعلم.