الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكتابة الطلاق باللفظ الصريح لها حكم اللفظ به عند بعض العلماء، وعند بعضهم حكمها حكم الكناية، قال المرداوي: إذَا كَتَبَ صَرِيحَ الطَّلَاقِ، وَنَوَى بِهِ الطَّلَاقَ: وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ......... وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، فَهَلْ يَقَعُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ وَهُمَا رِوَايَتَانِ..... أَحَدُهُمَا: هُوَ أَيْضًا صَرِيحٌ، فَيَقَعُ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ.
فعلى القول بأن الكتابة لها حكم اللفظ فلا حاجة لنية إيقاع الطلاق، لأن الصريح يقع من غير نية، وعلى القول بأن الكتابة لها حكم الكناية، فالكناية لا يقع بها الطلاق بغير نية، والنية لابد فيها من الجزم ولا تصح مع التردد، لكن بعض أهل العلم يرون أن الكناية إذا جاءت ردا على سؤال الزوجة الطلاق فحكمها كالصريح، قال البهوتي رحمه الله: ... أو يأتي مع الكناية بما يقوم مقام نية الطلاق كحال خصومة وغضب وجواب سؤالها الطلاق فيقع الطلاق ممن أتى بكناية إذن ولو بلا نية، لأن دلالة الحال كالنية بدليل أنها تغير حكم الأقوال والأفعال.
فعلى هذا القول تكون زوجتك قد طلقت ثلاثا وبانت منك بينونة كبرى، ولا سبيل لك إليها إلا إذا تزوجت زوجاً غيرك ـ زواج رغبة لا زواج تحليل ـ ويدخل بها الزوج الجديد ثم يطلقها أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه.
أما على قول من لا يوقع الطلاق بالكناية من غير نية مطلقا فلم تقع تلك الطلقة ما دمت لم تنو إيقاعها، هذا مجمل كلام أهل العلم في المسألة، والفتوى عندنا على أن الكتابة كناية فلا يقع الطلاق بها إلا مع النية.
والله أعلم.