الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تعتقده هذه الأم غير صحيح، فإن ما يهدى للولد من هدية، أو يوهب له من هبة، هو ملك له كسائر ماله، وليس ملكا لأبويه، ولا لهما التصرف فيه إلا بضوابط الشرع المعروفة، والمبينة في محلها، وتصرف الولد البالغ الرشيد في ماله تصرف ماض، بل وحتى لو تصرف قبل البلوغ والرشد وأمضاه بعدهما فهو لازم، وبناء عليه فإن تصرفك في هذا المال المهدى إليك تصرف ماض، إن كنت فعلت ذلك وأنت بالغة رشيدة، ولسنا نعني بما ذكرنا من كون هذه الهدية ملكا لك وتصرفك فيها ماض، أنه لا يراعى فيها شعور الأم، بل رضى الأم ـ في غير المعصية ـ من أرجى أعمال البر، فقد كان الأولى بك أن تتوخي في أخذ هذا الذهب طريقة أبعد عن دواعي الريبة، وإلصاق التهمة بالبريء، ولو أخبرت أمك اليوم بما كان قد حصل في أمر هذا الذهب، التماسا لرضاها، ولعلها تستمح من أساءت به الظن، أو تستغفر له، كان أولى وأقرب إلى الصواب، وبالجملة فليس عليك ـ إن شاء الله تعالى ـ إثم في هذا التصرف.
والله أعلم.