الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز تمني الموت جزعًا وتسخطًا من أقدار الله، قال صلى الله عليه وسلم: "لا يتمنين أحدكم الموت من ضر أصابه، فإن كان لا بد فاعلاً، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي" أخرجه البخاري ومسلم.
وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يتمنى أحدكم الموت، إما محسنًا فلعله يزداد، وإما مسيئًا فلعله يستعتب". أخرجه البخاري, وانظر الفتوى: 31194
والامتناع عن الدواء إن كان يؤدي إلى الهلاك فتركه حينئذ محرم؛ لقوله تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء:29}، قال ابن تيمية: "قد تنازعوا في التداوي هل هو مباح أو مستحب أو واجب؟ والتحقيق: أن منه ما هو محرم, ومنه ما هو مكروه, ومنه ما هو مباح؛ ومنه ما هو مستحب, وقد يكون منه ما هو واجب, وهو: ما يعلم أنه يحصل به بقاء النفس لا بغيره, كما يجب أكل الميتة عند الضرورة فإنه واجب عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء, وقد قال مسروق: من اضطر إلى أكل الميتة فلم يأكل حتى مات دخل النار, فقد يحصل أحيانًا للإنسان إذا استحر المرض ما إن لم يتعالج معه مات, والعلاج المعتاد تحصل معه الحياة كالتغذية للضعيف, وكاستخراج الدم أحيانًا. اهـ. وانظر الفتوى: 99798.
فعليك أخي أن تصبر على ما قدره الله عليك، وابتعد عن الجزع والتسخط على قضاء الله، واعلم أن الله سبحانه أرحم بالعبد من نفسه، وأن كل ما يقضيه الله لعبده المؤمن فهو خير له, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء، صبر فكان خيرا له» أخرجه مسلم.
والعبد قد تكون له منزلة عظيمة عند الله لا يبلغها إلا بالمصائب, وإن العبد إذا سبقت له من الله منزلة، لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده، أو في ماله، أو في ولده, ثم صبَّره على ذلك حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله تعالى. أخرجه أبو داود وصححه الألباني، والجزع لن يرفع المصاب عن العبد، بل سيحرمه أجر الصبر، وهذه المصيبة العظمى, وراجع الفتويين: 139774 152655.
والله أعلم.