الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن يعلم أولاً أنه قلما تخلو الحياة الزوجية من مشاكل، ولكن المطلوب تحري الحكمة من قبل الزوجين في حلها, ولا ينبغي للزوجة أن تجعل ذهابها إلى أهلها سبيلاً للحل، بل لا يجوز لها الخروج من بيت زوجها بغير إذنه إلا لعذر شرعي، فإن هذا يوقعها في الإثم والنشوز, ويمكن مطالعة الفتوى رقم: 183131, ومعرفة كل من الزوجين لما عليه من واجبات تجاه الآخر، وقيامه بها على الوجه الأكمل من أهم أسباب الاستقرار في الحياة الزوجية، ولمعرفة هذه الحقوق راجع الفتوى رقم: 27662, هذا أولاً.
ثانيًا: أن الأصل في المسلم السلامة وبراءة ذمته، فلا يجوز اتهامه بما يشين من غير بينة، ويتأكد مثل هذا في حق الزوجين، وسبق لنا بيان ذلك بالفتوى رقم: 135648, وإذا ثبت أنها قد وقعت في شيء من المخالفات الشرعية، وتابت من ذلك وأنابت فلا تلتفت إلى ما مضى, بل اعتبر بحالها الآن, وعاملها على هذا الأساس.
والوقوف عند خواطر الماضي من كيد الشيطان ليدخل به الحزن على قلبك, وينكد عليك حياتك, ويفسد ما بينك وبين زوجتك، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم، واجتهد في التشاغل عن وساوسه، وتسلى بالنظر إلى ما ترى من أمور حسنة في زوجتك, ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر". رواه الإمام مسلم , قال النووي في شرح صحيح مسلم: ينبغي أن لا يبغضها؛ لأنه إن وجد فيها خلقًا يكره وجد فيها خلقًا مرضيًا بأن تكون شرسة الخلق، لكنها ديّنة، أو جميلة، أو عفيفة، أو رفيقة به، أو نحو ذلك. اهـ.
ثالثًا: احرص على تعليم زوجتك أمر دينها, وكن قدوة لها في الخير، واعمل على كل ما فيه صيانتها من الفتن وأسبابها، ومن ذلك لبس الحجاب بالمواصفات الشرعية التي بيناها بالفتوى رقم: 6745, ويجب عليها طاعتك في ذلك، فطاعة الزوجة زوجها في المعروف واجبة، وانظر الفتوى رقم: 1780.
رابعًا: الطلاق وإن كان مكروهًا لغير حاجة، وربما يكون محرمًا أحيانًا، إلا أنه يبقى أحد الحلول، وتكون المصلحة في المصير إليه إذا استحالت العشرة، ووصل الأمر بين الزوجين إلى حال يتنافى ومقاصد الشرع من الزواج, قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة وضررًا مجردًا بإلزام الزوج النفقة والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ. وانظر الفتوى رقم: 48538.
والله أعلم.