الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا حرج على المرء في أن يهب ممتلكاته لأولاده ذكورا وإناثا في حياته.
جاء في كشاف القناع – من كتب الحنابلة – : وَلَا يُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ قَسْمُ مَالِهِ بَيْنَ وُرَّاثِهِ. اهـ.
إلا أنه يلزمه أن يعدل بين أولاده الذكور والإناث؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: اِتَّقُوا اَللَّهَ, وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ. متفق عليه. وطريق العدل إما أن يعطي الأنثى مثل نصيب الذكر على الأصح، أو يعطي الذكر مثل نصيب الأنثيين على قول آخر، كما فصلناه في الفتوى رقم: 126473
فإذا كان جدك قد عدل في عطيته على أحد هذين القولين فقد أحسن، ولا يجوز له حينئذ أن يعطي ابنته تلك الأرض ما دام قد عدل في عطيته الأولى, ولا يجوز أن يفضلها بالعطية لمجرد أنها بارة به, وإن تبين للبنت أن والدها أخطأ في إعطائها الأرض فينبغي أن تردها للتركة ويقسمها الورثة بينهم القسمة الشرعية.
وأما إن كان جدك لم يعدل في عطيته، وأعطى البنت تلك الأرض تحقيقا للعدل الذي فرط فيه أولا، فقد أحسن أيضا، وليس للأبناء أن يعترضوا على ما فعله والدهم حينئذ، إذ الواجب على الأب إذا لم يعدل أن يتدارك الأمر كما ذكر ذلك أهل العلم.
قال صاحب كشاف القناع في بيان ما يفعله الأب إذا لم يعدل في عطيته: فَإِنْ خَصَّ بَعْضَهُمْ بِالْعَطِيَّةِ، أَوْ فَضَّلَهُ فِي الْإِعْطَاءِ بِلَا إذْنِ الْبَاقِي أَثِمَ، لِمَا تَقَدَّمَ، وَعَلَيْهِ الرُّجُوعُ فِيمَا خَصَّ أَوْ فَضَلَ بِهِ حَيْثُ أَمْكَنَ، أَوْ إعْطَاءُ الْآخَرِ وَلَوْ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ الْمَخُوفِ حَتَّى يَسْتَوُوا بِمَنْ خَصَّهُ أَوْ فَضَّلَهُ. قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الْفَوْرِ. اهـ.
وانظر الفتوى رقم: 163591 في كون البر ليس مسوغا للتفضيل, والفتوى رقم: 101286، والفتوى رقم: 103527وكلاهما في وجوب العدل بين الأولاد في العطية.
والله تعالى أعلم