الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاشتياق المسلم إلى ربه، وإلى رؤية نبيه - صلى الله عليه وسلم - ورغبته في ذلك، دليل على ثقته بربه، وتصديقه بموعوده، وقد كان هذا هو حال عباد الله الصالحين كما دل على حالهم ومقالهم، فقد أخرج أحمد والنسائي حديثا عن عمار بن ياسر وفيه: ... وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة.
وللفائدة انظر فتوانا رقم: 28760.
وهذا الشوق لا يكون صحيحا وحقيقيا حتى يتبع بالأعمال التي يحبها الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - , وانظر الفتوى رقم: 8155 .
وينبغي للمسلم أن يكثر من القراءة عن الجنة وما أعد الله لأهلها، حتى يكون ذلك حافزا له على السعي لها، والسير في الطريق الموصل إليها .
أما ما قرأته عن أهل الجنة مما جاء في القرآن، أو صح عن رسول الله، فسوف تجدينه قطعا إن كنت من أهلها، وسوف تجدين ما لم تره عينك، ولم يخطر ببالك، قال تعالى: وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ {الزخرف:71}. وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله : قال الله تعالى ـ أعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ. متفق عليه.
هذا؛ وننبه إلى أن في بعض كلام السائلة ما لم يظهر لنا مرادها منه على وجه التحديد، لكنا نرشدها إلى ما هو أهم وأكثر فائدة لها في هذا السياق، وهو أن تبذل جهدها، وتتجه بهمتها إلى ما يوصلها إلى الجنة ويبعدها عن النار، وذلك بامتثال أوامر الله تعالى، والكف عن نواهيه، كما نحذرها من الاتكاء على الأماني من غير عمل صالح.
قال ابن القيم رحمه الله: والرجاء ثلاثة أنواع: نوعان محمودان, ونوع غرور مذموم .
فالأولان : رجاء رجل عمل بطاعة الله, على نور من الله, فهو راج لثوابه. ورجل أذنب ذنوباً ثم تاب منها فهو راج لمغفرة الله تعالى، وعفوه، وإحسانه وجوده، وحلمه وكرمه .
والثالث: رجل متماد في التفريط والخطايا, يرجو رحمة الله بلا عمل, فهذا هو الغرور والتمني والرجاء الكاذب .
والله أعلم.