الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المراد ما يفعله كثير ممن لا خلاق لهم في بعض البلاد من التلفظ بلفظ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند رؤية امرأة متبرجة استحسانا لما هي عليه فهذا منكر لا يجوز، فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل الأذكار، وقد أوضحنا في الفتوى رقم 153151 أنه لا يجوز ذكر الله تعالى عند المعصية، وإذا كان الفقهاء قد نصوا على كراهة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند التعجب من شيء كما جرت به عادة كثير من الناس، فكيف إذا كان المتعجَب منه أو المستحسن أمرا منكرا في الشرع.
قال ابن الحاج رحمه الله في المدخل: وَلْيَحْذَرْ مِمَّا يَفْعَلُهُ بَعْضُهُمْ وَهُوَ أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ مَشْيِهِمْ فِي الطَّرِيقِ بِالْمَاءِ لِيَبِيعُوهُ، وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ إذَا أَرَادُوا أَنْ يُفْسَحَ لَهُمْ فِي الطَّرِيقِ يَقُولُونَ: صَلُّوا عَلَى النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَحْوَ ذَلِكَ. وَقَدْ قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ: إنَّ الصَّلَاةَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى سَبِيلِ التَّعَبُّدِ وَالتَّقَرُّبِ. وَمِنْ النَّوَادِرِ لِلشَّيْخِ الْإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ سَحْنُونَ فِي الرَّجُلِ يَقُولُ عِنْدَ التَّعَجُّبِ مِنْ الشَّيْءِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَسَلَّمَ: إنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا عَلَى سَبِيلِ الِاحْتِسَابِ وَرَجَاءِ الثَّوَابِ. انتهى.
وبه تعلم أنه لا تجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند التلذذ بالنظر إلى امرأة أجنبية متبرجة، وبخاصة إذا كان هذا يقع على سبيل الاستحسان لما هي عليه من المنكر، وإنما يجب نهيها عن المنكر حسب الاستطاعة.
والله أعلم.