الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حق الزوجة على زوجها أن يسكنها في مسكن مستقل، ولا حق له في إجبارها على مساكنة أحد من أهله إلا أن ترضى بذلك، وقد بينا المراد بالمسكن المستقل عند الفقهاء في الفتوى رقم : 80603.
ولا حق للزوج في إجبار الزوجة على دفع أجرة المسكن فإن ذلك واجب عليه .
وعليه؛ فإن طلبك لمسكن منفرد حق لك، وليس لزوجك أن يرغمك على مساكنة والديه -ولو كانوا بحاجة إليه- ما دام في مساكنتك لهما ضرر عليك ، ففي شرح ميارة : " وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا رَجُلٌ فَأَسْكَنَهَا مَعَ أَبِيهِ وَأُمِّهِ فَشَكَتْ الضَّرَرَ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يُسْكِنَهَا مَعَهُمَا فَقِيلَ لَهُ إنَّهُ يَقُولُ: إنَّ أَبِي أَعْمَى وَأُغْلِقُ دُونِي وَدُونَهُ بَابًا قَالَ: يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ، فَإِنْ رُئِيَ ضَرَرٌ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: إنْ رُئِيَ ضَرَرٌ يُحَوِّلُهَا عَنْ حَالِهَا. اهـ."
ولا يعني ذلك أن يضيع الزوج والديه أو يهمل رعايتهما ، بل حق الوالدين مقدم على حق غيرهما من الناس ، لكن يمكنه الجمع بين بر والديه والإحسان إليهما وبين معاشرة زوجته بالمعروف وتوفيتها حقها في المسكن وغيره، كأن يجعل لها قسما من البيت خاصا بها لا تتضرر فيه من مساكنة والديه، حسب ما ذكرنا في الفتوى المحال إليها في أول الجواب، أو أن يؤجر لها مسكنا قريبا من بيت والديه بحيث يتمكن من زيارتهما ورعايتهما على الوجه المطلوب، أو يستأجر من يخدمهما ويقوم على رعايتهما، ولا يجب عليه أن يطيع والديه في طلاق زوجته ، وانظري الفتوى رقم : 3651.
والله أعلم.