الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أولا أن الواجب على العامي إذا اختلفت عليه أقوال العلماء أن يقلد من يثق به منهم سواء كان في قوله التشديد أو التيسير، وانظري الفتوى رقم 120640 والأخذ ببعض الرخص للحاجة قد أجازه كثير من العلماء وليس هو من الترخص المذموم، وانظري الفتوى رقم 134759 ويجوز لك الانتقال من تقليد هذا الشيخ إلى تقليد غيره ممن تثقين فيه بالضابط الذي بيناه في الفتوى رقم 186941 وإن احتجت للعمل بقول من يرخص مدة معينة ثم ترجعين للقول الأحوط فلا حرج عليك وبخاصة إذا كان من أفتاك به ممن تثقين بعلمه وورعه، ولا ينبغي أن تجدي في نفسك حرجا من العمل بهذا القول لمجرد كونه الأسهل فإن دين الله يسر، والله لم يجعل علينا في الدين من حرج، وتتخلصين من هذا الشعور بأن تستحضري أن هذا هو ما تقدرين عليه وأنه الموافق لما أفتاك به الثقة من أهل العلم وأن الأخذ بالأشد ليس متعينا.
وأما كون هذه الإفرازات ناقضة للوضوء فلكونها تخرج من السبيل، وكل ما خرج من أحد السبيلين فهو ناقض للوضوء، فهذا وجه إلحاقها بالسلس أو الاستحاضة، وقد بينا لك كون هذه الإفرازات طاهرة على الراجح عندنا.
وأما كون النبي صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما فهذا حق، ولا يتنافى هذا مع وجوب ترك الحرام واستحباب اتقاء الشبهات، فإن هذا خاص بما كان مباحا، فلو خير بين مباحين اختار أيسرهما ولا يدخل في هذا ما علم تحريمه ولا ما كان من المشتبهات، ولتنظر الفتوى رقم 132994
واعلمي أن الاحتياط للدين مهما أمكن أمر حسن، وانظري الفتوى رقم 184251.
وبخصوص مسألتك فرطوبات الفرج عندنا طاهرة لكنها ناقضة للوضوء، وانظري الفتوى رقم 110928 والمبتلاة بسلس هذه الرطوبات لا يلزمها الاستنجاء وإنما تتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، ومذهب المالكية أن صاحب السلس لا يلزمه الوضوء لكل صلاة، ولا حرج في العمل بهذا المذهب عند الحاجة الشديدة، وأما الصفرة فهي نجسة وليست هي من رطوبات الفرج، وهي حيض في مدة العادة أو إذا كانت متصلة بالدم على ما نفتي به، وانظري الفتوى رقم 134502 .
والله أعلم.