الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من اعتاد الاستيقاظ في وقت معين لم يحتج عادة إلى وسيلة تنبيه لإيقاظه، وكذلك من عقد عزمه وشحذ همته على أن يستيقظ في وقت معين فإنه يستيقظ في الوقت غالبا، ومن المشاهد في عصرنا أن كثيرا من الناس يستيقظون في الأوقات المعينة دون حاجة إلى هذه الوسائل، وقد أجرى الله عادة بعض الحيوان كالديك بالتصويت في أوقات معينة معلومة من الليل، ولذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم إذا سمع الصارخ أي الديك ليصلي من الليل، كما ثبت في الصحيح عن عائشة رضي الله عنها.
ولذا قال الدميري في حياة الحيوان عن الديك: وأعظم ما فيه من العجائب، معرفة الأوقات الليلية، فيقسط أصواته عليها تقسيطا، لا يكاد يغادر منه شيئا سواء طال أو قصر. ويوالي صياحه قبل الفجر وبعده، فسبحان من هداه لذلك. ولهذا أفتى القاضي حسين، والمتولي، والرافعي بجواز اعتماد الديك المجرب في أوقات الصلوات. انتهى.
وكانوا إذا خشوا ألا يستيقظوا للصلاة، كما لو كانوا في سفر وبلغ منهم الجهد بحيث غلب على الظن عدم الاستيقاظ، وكلوا من يبقى مستيقظا ليوقظ الجميع إذا حانت الصلاة، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالا أن يرقب لهم الليل في القصة المشهورة حين غلبته عيناه فلم يوقظهم إلا حر الشمس، والحديث ثابت في الصحيح، وبالجملة فإنهم كانوا لا يعدمون طريقا يستيقظون به للصلاة.
والله أعلم.