الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك فعل ما ذكرت؛ لأنه غش وتزوير محرم, ولقول الله تعالى: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ {الحج:30}.
وقوله صلى الله عليه وسلم: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر، ثلاثاً؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله وعقوق الوالدين, وكان متكئاً فجلس، فقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته يسكت. متفق عليه.
قال الراغب: الزور: الكذب، وقال الحافظ: ضابط الزور: وصف الشيء على خلاف ما هو به، وقد يضاف إلى القول فيشمل الكذب والباطل، وقد يضاف إلى الشهادة فيختص بها، وقد يضاف إلى الفعل ومنه: لا بس ثوبي زور، ومنه: تسمية الشعر الموصول: زوراً".
وذكر العلماء ـ كما في الموسوعة الفقهية ـ تحت كلمة التزوير: أن التزوير يشمل، التزوير والغش في الوثائق والسجلات, ومحاكاة خطوط الآخرين وتوقيعاتهم بقصد الخداع والكذب.
وتغيير تاريخ الإنتاج أو بلده أو مدة الصلاحية كل ذلك من التزوير والغش الممنوع, ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على صُبْرة طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعُه بللا، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غشنا فليس مني.)
وثبت في صحيح مسلم وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة, قلنا: لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)
وهذا الفعل ينافي ذلك, بل حتى السكوت عليه, وبالتالي فيلزمك اجتناب ذلك الفعل, أو الإعانة عليه, ولا يكفي مجرد مباشرة ذلك التزوير مع السكوت عليه وكتمه عن الناس, بل لا بد من بيان الأمر, ونصيحة الناس, فإن لم يكف صاحب العمل عنه فلا تكن ظهيًرا للمجرمين, ورزق الله أوسع من أن يبغى بالوسائل المحرمة, ولن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب؛ كما جاء في الحديث وهو في الحلية لأبي نعيم عن أبي أمامة رضي الله عنه وعزاه ابن حجر لابن أبي الدنيا، وذكر أن الحاكم صححه من طريق ابن مسعود.
ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرًا منه.
والله أعلم.