الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من خلال هذه القصة المؤلمة يدل على أن في قلبك خيرًا, لكن نزعات الشر وغواية الشيطان واتباع النفس الأمارة بالسوء أوقعك فيما وقعت فيه, لكن مهما عظمت ذنوبك ومهما اقترفت في جنب الله من سوء فرحمة الله أوسع من ذلك, فتب إليه توبة نصوحًا, ومن تاب تاب الله عليه, فقد قال سبحانه: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان:70} وقال: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.
وعليك ان تستتر بستر الله, ولا تحدث أحدًا بما كان منك فتفضح نفسك, وتكشف ستر الله عليك, فقد قال نبينا صلوات الله وسلامه عليه: "من ابتلي بشيء من هذه القاذورات فليستتر بستر الله جل وعلا" . رواه الحاكم والبيهقي وصححه السيوطي وحسنه العراقي.
واعلم أن من شرط التوبة النصوح: أن تعقد العزم على أن لا تعود إلى هذه الفاحشة القبيحة.
ومما يعين على التوبة من المعصية البعد عن دواعيها وأسبابها، فلا بد من الابتعاد عن مواطنها، واجتناب أهلها، واستبدال ذلك بمخالطة الصالحين، والجلوس عندهم، والسماع منهم، كما جاء في حديث الذي أراد أن يتوب فقتل مائة نفس، فقال له العالم: " انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناسًا يعبدون الله، فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء" رواه مسلم .
فالرفقة الصالحة خير معين على الطاعة والاستقامة والثبات قال تعالى: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا {الكهف:28}
وأما تلك الفتاة: فإن تابت من معصيتها, وأردت الستر عليها والزواج منها, فلا حرج عليك في ذلك, وإذا لم تتزوج بها فلا تكون ظالمًا لها لأنها جنت على نفسها, كما بينا في الفتوى رقم: 123783.
وقد بينا ما يترتب في حالات فض البكارة, وما يجب فيها في الفتوى رقم: 20931 .
والله أعلم.