الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالزواج تعتريه الأحكام التكليفية الخمسة من الوجوب والندب والإباحة والحرام والكراهة، وللتفصيل في ذلك تنظر فتوانا رقم: 3011. لكن يتأكد الاستحباب إذا كان المتقدم رجلا يرتضى دينه وخلقه، والدين هو القيام بالأحكام الشرعية قدر الاستطاعة والالتزام بالتعاليم الإسلامية, والخلق هو حسن المعاملة والصفات الفاضلة والأخلاق الزكية, التي تحبب الناس في المرء. فعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي وغيره. قال في تحفة الأحوذي ج4/ص173 " (من ترضون) أي تستحسنون (دينه) أي ديانته (وخلقه) أي معاشرته "
ومن حق المرأة رفض من لا تراه مناسباً لها، وذلك لأن الزواج علاقة يترتب عليها الكثير من الحقوق، فينبغي الحرص على اختيار من يؤمل فيه الموافقة في الطباع، ومن تميل إليه النفس ويرجى معه تحقق سعادة الحياة الزوجية، ومن هنا أمر الشرع الحكيم باستئذان المرأة عند النكاح، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن. رواه البخاري ومسلم.
على أنه لا حرج عليك في قبول من تقدم إلى خطبتك، وخصوصاً إذا كان مرضياً في دينه وخلقه ولو لم تكوني تحبينه، فهناك اعتبارات أخرى يرغب في الزوج من أجلها غير الحب. كما لا إثم ولا عقاب إذا لم تقبل المرأة بالرجل المتدين لكونها لا ترغب في الزواج أصلا، إذ النكاح لا يلزم في كل الحالات كما سبق أن ذكرنا أو لاعتبارات أخرى غير تدينه كنفورها من شكله وهيئته ، فإن كان الرفض لأجل تدينه فهذا رغبة عن أهل الخير ويشمله الذم الوارد في الحديث السابق, وانظري فتوانا رقم: 66440.
وليس بحرام على المرأة أن تموت دون زواج بشرط ألا يكون ذلك رغبة عن السنة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ..... وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي. متفق عليه
وتراجع فتوانا رقم: 41647.
والله أعلم.