الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي وقعت فيه كذب؛ لأنك أخبرت بما أخبرت به متعمدًا مخالفة الحقيقة التي تعلمها.
وإذا كنت قد حلفت على هذا فإنك تكون - والعياذ بالله - قد تعمدت الحلف على الكذب، وتعمد الحلف على الكذب من غير ضرورة تلجئ إليه هو من كبائر الذنوب، وهو اليمين الغموس المذكورة فيما رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الكبائر: الشرك بالله, وعقوق الوالدين, وقتل النفس, واليمين الغموس.
وسبق أن بينا معنى يمين الغموس وما يترتب عليها فانظر الفتاوى: 34211، 7258، 8997؛ ولذلك فإن عليك أن تبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى، والأحوط أن تخرج مع ذلك كفارة يمين لقول بعض أهل العلم بوجوبها.
وأما الحديث الذي أشرت إليه فلعله ما رواه البخاري وغيره عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا الْكَبَائِر؟ قَالَ: الْإِشْرَاكُ بِاللَّهِ، قَالَ ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ثُمَّ عُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، قَالَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: الْيَمِينُ الْغَمُوسُ.. الحديث
ولم نقف على أن الأعرابي وقع في يمين غموس, أو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعرض عنه.
وقد جاء ذم الحلف على الكذب في كتاب الله تعالى كثيرًا, وأنه من صفات المنافقين واليهود, وفيهم يقول الله تعالى "وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ, أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" {المجادلة:14-15}.
والله أعلم.