الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي ننصحك به بادئ الأمر أن تستغل من أبيك هذا كبره وأن تغتنم فيه طاعته وبره، ما استطعت إلى ذلك سبيلا، ولا تلتفت إلى بادرة نادرة تبدرمنه إليك، وابتغ في ذلك وجه الله ولا تنظر فيما تفعله إلى المقارنة بينك وبين أخواتك فإنك إن فعلت هذا طلبا لرضى الله تعالى، والتماسا لعظيم ثوابه، ظفرت بباب من أرجى أبواب الخير قلما يظفر الناس بمثله.
ثم نلخص القول في جواب ما سألت عنه فيما يلي:
1 - خدمة الأبوين عند حاجتهما إليها وعجزهما عن القيام عليها بالنفس أو بالمال حق واجب على الأبناء الذكور والإناث يتولونها بأنفسهم أو يستأجرون عليها من يتولاها، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 127286 .
2 - الاتفاق الذي تراضيتم عليه في التناوب على الخدمة صحيح لا ظلم فيه ولا جور، ثم إن هذه الخدمة أو الإخدام عموما من باب النفقة تلزم عند عجز الأبوين أو أحدهما عنها، وقد اختلف أهل العلم في النفقة هل تجب على الأبناء سوية الذكر كالأنثى، أو على حسب الميراث أي على الذكر مثل حظ الأنثيين، أو على قدر الميسرة والغنى، قال خليل: ووزعت على الأولاد وهل على الرؤوس أو الإرث أو اليسار؟ أقوال. وراجع الفتوى رقم: 43328 .
3 - حق الزوج على الزوجة آكد من حق الوالد، ومن ثم فإن سمح لأخواتك أزواجهن بالخروج للخدمة فذلك، وإذا لم يسمحوا لهن بالخروج فعليهن أن يستأجرن خادما يخلفهن أو يشاركن في أجرته، وليست لهن ولا لأزواجهن عليك منة في شيء من ذلك. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 19419 ، والفتوى رقم: 100378 .
وبهذا تعلم أنه لا تتعين عليك الخدمة لوحدك إذ لو منع الأزواج زوجاتهن من الخروج فإن ذلك لا يسقط عنهن حق الاستئجار لمن يتولى نصيبهن من الخدمة. ولا داعي أصلا إلى الاسترسال في هذه الاحتمالات جميعها طالما أن الأخوات وأزواجهن راضون بالاتفاق المذكور.
4 - بالنسبة لردك الجافي على والدك فلا ينبغي لك أن تجفو أباك في شيء من تعاملك معه، ولا أن تقول له قولا يتأذى به، وتجب عليك التوبة إلى الله تعالى مما صدر منك تجاهه والندم عليه، وعدم العود فيما بقي من العمر، وراجع الفتوى رقم: 163833 .
5 - تنازلك عن حقك من الميراث سخطا على أبيك قبل موته من قبيل إسقاط الحق قبل وجوبه ولا عبرة به، وكونك أخذت عهدا بذلك بينك وبين نفسك لا يلزم به شيء وراجع للتفصيل الفتوى رقم: 104644 .
والله أعلم.