الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت مدعوة لوليمة العرس فيجب عليك حضورها وإجابة الدعوة، إذا كانت ممن يسن له عملها، وهو الزوج، وأما إن كانت الوليمة للزوجة فلا تجب إجابتها, قال الفقيه ابن حجر في الوليمة: سنة للزوج الرشيد إلخ, قال العبادي: قوله للزوج خرجت الزوجة. انتهى.
فإن كانت هذه الوليمة مما تجب عليك إجابة الدعوة إليها فليس لك التخلف إلا إذا علمت أو غلب على ظنك وجود منكر، وأما مع الشك فإنك تحضرين فإذا وجدت منكرًا فأنكري بحسب استطاعتك, فإن لم يقبل منك فاخرجي, فإن عجزت عن الخروج فلا إثم عليك، قال في مغني المحتاج: فإن لم يعلم به - أي بالمنكر- حتى حَضَرَ نَهَاهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا وَجَبَ الْخُرُوجُ إلَّا إنْ خَافَ مِنْهُ, كَأَنْ كَانَ فِي لَيْلٍ وَخَافَ, وَقَعَدَ كَارِهًا بِقَلْبِهِ, وَلَا يَسْمَعُ لِمَا يَحْرُمُ اسْتِمَاعُهُ، وَإِنْ اشْتَغَلَ بِالْحَدِيثِ وَالْأَكْلِ جَازَ لَهُ ذَلِكَ، كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ فِي جِوَارِ بَيْتِهِ لَا يَلْزَمُهُ التَّحَوُّلُ وَإِنْ بَلَغَهُ الصوت. انتهى, وسواء كان من دعاك للحضور رجلًا أو امرأة وجب عليك الحضور إذا كانت الوليمة وليمة الزوج بالشرط المتقدم، قال في مطالب أولي النهى: (وَتَجِبُ حَيْثُ لَا عُذْرَ نَحْوَ حَرٍّ وَبَرْدٍ وَشُغْلٍ) كَكَوْنِهِ أَجِيرًا خَاصًّا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُسْتَأْجِرُ (إجَابَةُ دَاعٍ مُسْلِمٍ يَحْرُمُ هَجْرُهُ، وَلَوْ) كَانَ الدَّاعِي (أُنْثَى وَقِنٍّ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ، وَكَسْبُهُ طَيِّبٌ) إلَى وَلِيمَةِ عُرْسٍ. انتهى, ولو بدأتهم بالنصيحة وبينت لهم حرمة استماع المعازف لعلهم أن ينكفوا عن استعمالها إن كانوا يريدون ذلك لكان حسنًا.
والله أعلم.